أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(١٠٦)
كان يقال لملوك مصر الفراعنة ، كما يقال لملوك فارس الأكاسرة ، فكأنه قال : يا ملك [مصر] وكان اسمه قابوس وقيل : الوليد بن مصعب بن الرّيّان.
وقوله : «رسول من ربّ العالمين» يدلّ على وجود الإله تعالى ، فإنّه يدلّ على أنّ للعالم ربّ يربيه ، وإله يوجده ويخلقه.
قوله : «حقيق» أي واجب «على أن لا أقول».
قرأ العامة «على أن» ب «على» التي هي حرف جر داخلة على أن وما في حيّزها.
ونافع قرأ (١) «عليّ» ب «على» التي هي حرف جرّ داخلة على ياء المتكلّم.
فأما قراءة العامة ففيها ستّة أوجه ، ذكر الزّمخشريّ منها أربعة أوجه :
قال رحمهالله : «وفي المشهورة [إشكال] ، ولا يخلو من وجوده :
أحدها : أن تكون مما قلب من الكلام كقوله : [الطويل]
٢٥٣٥ ـ .......... |
|
وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر (٢) |
معناه : وتشقى الضياطرة بالرّماح.
قال أبو حيّان (٣) : «وأصحابنا يخصّون القلب بالضّرورة ، فينبغي أن ينزّه القرآن عنه».
وللنّاس فيه ثلاثة مذاهب : الجواز مطلقا ، [المنع مطلقا](٤) ، التّفصيل : بين أن يفيد معنى بديعا فيجوز ، أو لا فيمتنع ، وقد تقدّم إيضاحه ، وسيأتي منه أمثلة أخر في القرآن العظيم.
وعلى هذا الوجه تصير هذه القراءة كقراءة نافع في المعنى ، إذ الأصل : قول الحق حقيق عليّ ، فقلب اللفظ فصار : «أنّا حقيق على قول الحقّ».
قال : «والثاني : أن ما لزمك فقد لزمته ، فلمّا كان قول الحقّ حقيقا عليه كان هو حقيقا على قول الحقّ أي لازما له».
والثالث : أن يضمّن حقيق معنى حريص كما ضمت «هيّجني» معنى ذكّرني في البيت المذكور في كتاب سيبويه وهو قوله : [البسيط]
__________________
(١) ينظر : الحجة ٤ / ٥٦ ، والسبعة ٢٨٧ ، وحجة القراءات ٢٨٩ ، وإعراب القراءات ١ / ١٩٦ ، والعنوان ٩٦ ، وشرح شعلة ٣٩٣ ، وشرح الطيبة ٤ / ٣٠٣ ، وإتحاف ٢ / ٥٥.
(٢) البيت لخداش بن زهير ينظر : الأضداد ١٥٣ ، لسان العرب (ضطر) ، أمالي المرتضى ١ / ٤٦٦ ، سر صناعة الإعراب ١ / ٣٢٣ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٠٣ ، الدر المصون ٣ / ٣١٤.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٥٦.
(٤) سقط من أ.