لما قال قوم موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) [الأعراف : ١٣٢] فهو سحر ، ونحن لا نؤمن بها وكان موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ رجلا جديدا ، فعند ذلك دعا عليهم فقال : يا ربّ إنّ عبدك فرعون علا في الأرض وبغى وعتا ، وإنّ قومه نقضوا عهدك ؛ فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة ولقومي عظة ، ولمن بعدهم آية وعبرة ، فأرسل الله عليهم الطّوفان وهو الماء ، وبيوت بني إسرائيل ، وبيوت القبط مشتبكة ، فامتلأت بيوت القبط حتّى قاموا في الماء إلى تراقيهم ، ومن جلس منهم غرق ، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل قطرة ، ودام ذلك عليهم من السّبت إلى السبت.
فقالوا لموسى : ادع لنا ربّك يكشف عنّا المطر ؛ فنؤمن بك ، ونرسل معك بني إسرائيل.
فدعا ربّه فرفع عنهم الطوفان ، وأرسل الرّياح فجفّفت الأرض ، وخرج من النّبات ما لم يروا مثله قط ، وأخصبت بلادهم.
فقالوا : ما كان هذا الماء إلّا نعمة علينا لكنّا لم نشعر ؛ فمكثوا شهرا في عافية فنكثوا العهد.
وقالوا : لا نؤمن بك ، ولا نرسل معك بني إسرائيل ، فأرسل الله عليهم الجراد ، فأكل عامّة زرعهم ، وثمارهم ، وأوراق الشّجر ؛ حتّى أكلت الخشب وسقوف البيوت ومسامير الأبواب من الحديد حتّى وقع دورهم ، وابتلي الجراد بالجوع فكان لا يشبع ، ولم يصب بني إسرائيل شيء من ذلك فضجّوا إلى موسى.
وقالوا : ادع لنا ربّك لئن كشفت عنّا الرجز لنؤمن لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل ، وأعطوه عهد الله وميثاقه.
فدعا موسى ربّه فكشف عنهم الجراد بعد سبعة أيام ، وفي الخبر «مكتوب على صدر كلّ جرادة جند الله الأعظم» فأرسل الله ريحا فحمل الجراد ؛ فألقاه في البحر.
وقيل : إنّ موسى برز إلى الفضاء ، وأشار بعصاه إلى المشرق والمغرب ؛ فرجعت الجراد من حيث جاءت.
وكانت قد بقيت من زروعهم ، وغلاتهم بقيّة.
فقالوا : قد بقي لنا ما يكفينا ، فنقضوا العهد ولم يؤمنوا ، فأقاموا شهرا في عافية.
فأرسل الله القمل سبتا إلى سبت ، فلم يبق بأرضهم عود أخضر إلّا أكلته.
فصاحوا بموسى فسأل ربّه ، فأرسل الله عليها ريحا حارّة فأحرقتها ، وألقتها في البحر فلم يؤمنوا.
فأرسل الله عليهم الضّفادع سبعة أيّام ؛ فخرج من البحر مثل اللّيل الدّامس ووقع في النّبات والأطعمة ، فكان الرّجل يجلس في الضّفادع إلى رقبته ، ويهم أن يتكلّم ؛ فيثب الضّفدع في فيه.