وقيل : الطّوفان من كلّ شيء : ما كان كثيرا محيطا مطبقا بالجماعة من كلّ جهة كالماء الكثير ، والقتل الذّريع ، والموت الجارف ، قاله الزّجّاج.
وقد فسّره النّبي صلىاللهعليهوسلم بالموت تارة ، وبأمر من الله أخرى ، وتلا قوله : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) [القلم : ١٩] وهذه المادّة وإن كانت قد تقدّمت في «طائفة» إلّا أنّ لهذه البنية خصوصية بهذه المعاني المذكورة.
والجراد معروف ، وهو جمع : جرادة ، الذّكر والأنثى فيه سواء.
يقال : جرادة ذكر وجرادة أنثى ، ك : نملة ، وحمامة.
قال أهل اللّغة : وهو مشتقّ من «الجرد».
قالوا : والاشتقاق في أسماء الأجناس قليل جدا.
يقال : أرض جرداء ، أي : ملساء وثوب جرد ، إذا ذهب زئبره.
فصل
قال القرطبيّ : اختلف الفقهاء في جواز قتل الجراد.
فقيل : يقتل ، لأنّ في تركها فساد الأموال ، وقد رخّص النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بقتال المسلم إذا أخذ ماله ، فالجراد إذا أرادت فساد الأموال كانت أولى بجواز قتلها ، كما أنّهم اتفقوا على جواز قتل الحيّة ، والعقرب ؛ لأنّهما يؤذيان النّاس فكذلك الجراد.
وروى ابن ماجة عن أنس أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا دعا على الجراد قال : «اللهمّ أهلك كباره واقتل صغاره ، وأفسد بيضه ، واقطع دابره ، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا إنّك سميع الدّعاء»(١).
فقال رجل : يا رسول الله ، كيف تدعو إلى جند من أجناد الله بقطع دابره؟
قال : «إنّ الجراد نثرة حوت في البحر». وهذا قول جمهور الفقهاء.
وقيل : لا يقتل ، لأنّه خلق عظيم من خلق الله يأكل من رزق الله.
وقد روي «لا تقتلوا الجراد فإنّه جند الله الأعظم».
والقمّل : قيل : هي القردان ، وقيل : دوابّ تشبهها أصغر منها.
وقال سعيد بن جبير : هو السّوس الذي يخرج من الحنطة (٢).
وقال ابن السّكّيت : إنّه شيء يقع في الزّرع ليس بجراد ؛ فيأكل السّنبلة ، وهي غضة
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه (٣٢٢١) من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جابر وأنس وإسناده ضعيف جدا.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٠٥) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.