وقيل : من بني إسرائيل في هذا العصر.
قوله تعالى : (قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ)(١٤٥)
قوله : (يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ). الاصطفاء : استخلاص الصّفوة أي : اخترتك واتّخذتك صفوة على النّاس.
قال ابن عبّاس : «فضّلتك على النّاس» (١). قرأ (٢) ابن كثير ، وأبو عمرو إنّي بفتح الياء ، وكذلك (أَخِي اشْدُدْ) [طه : ٣٠ ، ٣١].
قوله برسالاتي أي : بسبب.
وقرأ الحرميّان (٣) : برسالتي بالإفراد ، والمراد به المصدر ، أي : بإرسالي إيّاك ، ويجوز أن يكون على حذف مضاف ، أي : بتبليغ رسالتي. والرّسالة : نفس الشّيء المرسل به إلى الغير.
وقرأ الباقون بالجمع اعتبارا بالأنواع ، وقد تقدّم ذلك في المائدة والأنعام.
قال القرطبيّ (٤) : ومن جمع على أنه أرسل بضروب من الرسالة فاختلف أنواعها ، فجمع المصدر لاختلاف أنواعه ؛ كقوله : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان : ١٩] واختلاف المصوتين ، ووحّد في قوله : لصوت لما أراد به جنسا واحدا من الأصوات.
قوله : «وبكلامي» هي قراءة العامّة ، فيحتمل أن يراد به المصدر ، أي : بتكليمي إيّاك ، كقوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : ١٦٤] وقوله : [الطويل]
٢٥٦٩ ـ .......... |
|
تكلّمني فيها شفاء لما بيا (٥) |
أي : بتكليمي إيّاها ، ويحتمل أن يراد به التّوراة ، وما أوحاه إليه من قولهم للقرآن «كلام الله» تسمية للشيء بالمصدر. وقدّم الرّسالة على الكلام ؛ لأنّها أسبق ، أو ليترقّى إلى الأشرف ، وكرّر حرف الجرّ ، تنبيها على مغايرة الاصطفاء.
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٤ / ١٩٠) عن ابن عباس.
(٢) ينظر : إتحاف ٢ / ٦٢.
(٣) ينظر : السبعة ٢٩٣ ، والحجة ٤ / ٧٧ ، وإعراب القراءات ١ / ٢٠٧ ، وحجة القراءات ٢٩٥ ، وإتحاف ٢ / ٦٢.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٨٧.
(٥) عجز بيت لذي الرمة وصدره :
ألا هل إلى ميّ سبيل وساعة
ينظر ملحقات ديوانه (٦٧٠) ، الهمع ٢ / ٩٥ ، الدرر ٥ / ٢٦٣ شرح المفصل ١ / ٢١ ، الدر المصون ٣ / ٣٣٩.