لكن الإشباع بابه الضّرورة عند بعضهم. وقرأ ابن (١) عبّاس ، وقسامة بن زيد «سأورثكم» قال الزمخشريّ : وهي قراءة حسنة ، يصحّحها قوله تعالى : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ) [الأعراف : ١٣٧].
فصل
في قوله : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) وجهان : الأول : أنّ المراد به التهديد والوعيد وعلى هذا ففيه وجهان :
أحدهما : قال ابن عباس (٢) والحسن ومجاهد : هي : جهنم وهي مصيرهم في الآخرة ، فاحذروا أن تكونوا منهم.
وثانيهما : قال قتادة وغيره : سأدخلكم الشّام ؛ فأريكم منازل القرون الماضية مثل الجبابرة ، والعمالقة ، ومنازل عاد وثمود الذين خالفوا أمر الله لتعتبروا بها (٣).
الوجه الثاني : المراد به الوعد والبشارة بأنّ الله تعالى سيوّرثهم أرض أعدائهم وديارهم وهي أرض مصر ، قاله عطية العوفيّ ؛ ويدلّ عليه قراءة قسامة.
وقال السّدّيّ : هي مصارع الكفار (٤).
قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)(١٤٦)
قوله : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ) الآية.
قال ابن عبّاس : يريد الّذين يتجبّرون على عبادي ، ويحاربون أوليائي حتّى لا يؤمنوا
__________________
ـ ومذهب البصريين أنه لا يجوز إضافتها للمفرد (ارتشاف الضرب لأبي حيان الأندلسي ٢ / ٢٦١).
ينظر : ديوانه ـ ٢٣٩ ، والخزانة ١ / ١٢١ الخصائص ١ / ٤٢ ، ٢ / ٣١٦ ، ٣ / ١٢٤ ، سر صناعة الإعراب ١ / ٢٩ ، المخصص ١٢ / ١٠٣ ، شروح سقط الزند ٢ / ٧٤٥ ، شرح شواهد المغني للسيوطي ٢٦٦ ، تاج العروس ٣ / ٣٤٣ ، ٥٧٥ ، والفرق بين الحروف الخمسة للسيد البطليوسي ٥٣١ ، شواهد السيرافي ٣ / ٢٧٥ ، الصاحبي ٥٠ ، حجة الفارسي ١ / ٥٩ ، المحتسب ١ / ٢٥٩ ، الأمالي الشجرية ١ / ٢٢١ الإنصاف ٢٣ ، ٢٤ ، المفصل لابن يعيش ١٠ / ١٠٦ ، المغني ٣٦٨ ، والهمع ١ / ١٥٦ ، ارتشاف الضرب ٢ / ٢٦١ ، أسرار العربية للأنباري ٤٥ ، المغني ح ٢ / ٣٦٨ رقم ٥٩٢ ، الدر المصون ٣ / ٣٤٢.
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٨٨ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٢.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٩ ـ ٦٠) عن مجاهد والحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٣٣) عن مجاهد وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وذكره أيضا عن الحسن (٣ / ٢٣٣) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) ذكره الطبري في «تفسيره» (٦ / ٦٠) والرازي (١٤ / ١٩٤) عن الكلبي.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٧ / ١٧٩) عن قتادة.