قال ابن أبي كاهل : [الرمل]
٢٥٧٧ ـ كيف يرجون سقاطي بعدما |
|
لفّع الرّأس بياض وصلع (١) |
وقيل : هو مأخوذ من السّقيط ، وهو ما يغشّي الأرض من الجليد يشبه الثّلج.
يقال منه : سقطت الأرض كما يقال : ثلجت ، والسّقط والسّقيط يذوب بأدنى حرارة ولا يبقى. ومن وقع في يده السّقيط لم يحصل منه على شيء فصار هذا مثلا لكل من خسر في عاقبته ، ولم يحصل من بغيته على طائل. واعلم أنّ «سقط في يده» عدّه بعضهم في الأفعال الّتي لا تتصرّف ك «نعم وبئس».
وقرأ ابن السّميفع (٢) سقط في أيديهم مبنيا للفاعل وفاعله مضمر ، أي : سقط النّدم هذا قول الزّجّاج.
وقال الزمخشريّ : «سقط العضّ».
وقال ابن عطيّة : «سقط الخسران ، والخيبة». وكل هذه أمثلة.
وقرأ ابن أبي عبلة (٣) : أسقط رباعيا مبنيا للمفعول ، وقد تقدّم أنّها لغة نقلها الفرّاء والزّجّاج.
فصل
قوله : ورأوا أنّهم هذه قلبيّة ، ولا حاجة في هذا إلى تقديم وتأخير ، كما زعم بعضهم.
قال القاضي (٤) : يجب أن يكون المؤخّر مقدما ؛ لأنّ النّدم والتّحسّر إنّما يقعان بعد المعرفة فكأنه تعالى قال : ولما رأوا أنهم قد ضلّوا سقط في أيديهم لما نالهم من عظيم الحسرة.
ويمكن أن يقال لا حاجة إلى ذلك ، لأنّ الإنسان إذا شكّ في العمل الذي يقدم عليه هل هو صواب أو خطأ؟ فقد يندم عليه من حيث أنّ الإقدام على ما لا يعلم كونه صوابا أو خطأ غير جائز.
قوله : (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا) لما ظهر لهم أنّ الذي عملوه كان باطلا ، أظهروا الانقطاع إلى الله تعالى وقالوا : (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا).
قرأ الأخوان (٥) «ترحمنا» و «تغفر» بالخطاب ، «ربّنا» بالنّصب ، وهي قراءة الشعبي
__________________
(١) ينظر شرح المفضليات ٢ / ٧٣٧ ، الخزانة ٦ / ١٢٥ ، الصاحبي ٢٤٣ ، الدر المصون ٣ / ٣٤٦.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ١٦٠ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٩٢ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٦.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٥٥ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٩٢ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٦.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٩.
(٥) ينظر : السبعة ٢٩٤ ، والحجة للقراء السبعة ٤ / ٨٨ ، وإعراب القراءات ١ / ٢٠٨ ، وحجة القراءات ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، وإتحاف ٢ / ٦٣ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٤٥٦ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٩٢.