وقرىء أيضا : «يا ابن إمّ» بكسر الهمزة والميم وهو إتباع. ومن قلب الياء ألفا قوله : [الرجز]
٢٥٨٣ ـ يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي (١)
وقوله : [الرجز]
٢٥٨٤ ـ كن لي لا عليّ يا ابن عمّا |
|
ندم عزيزين ونكف الذّمّا (٢) |
فصل
إنّما قال : «ابن أمّ» وكان هارون أخاه لأبيه ليرققه ويستعطفه.
وقيل : كان أخاه لأمّه دون أبيه ، وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين ، وأحبّ إلى بني إسرائيل من موسى ؛ لأنه كان لين الغضب.
قوله : (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) أي لم يلتفتوا إلى كلامي ، يعني : عبدة العجل (وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي : شريكا لهم في عقوبتك على فعلهم.
قوله : (فَلا تُشْمِتْ) العامّة على ضمّ التاء ، وكسر الميم ، وهو من «أشمت» رباعيا ، الأعداء مفعول به (٣).
وقرأ ابن محيصن (فَلا تُشْمِتْ) بفتح التّاء وكسر الميم ، ومجاهد : بفتح التّاء أيضا وفتح الميم ، «الأعداء» نصب على المفعول به ، وفي هاتين القراءتين تخريجان :
أظهرهما : أن «شمت ، أو شمت» بكسر الميم أو فتحها متعدّ بنفسه ك : أشمت الرباعي.
يقال : شمت بي زيد العدوّ ؛ كما يقال : أشمت بي العدوّ.
والثاني : أنّ تشمت مسند لضمير الباري تعالى أي : فلا تشمت يا رب ، وجاز هذا كما جاز : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٥] ثم أضمر ناصبا للأعداء ، كقراءة الجماعة ، قاله ابن جنّي.
ولا حاجة إلى هذا التّكلف ؛ لأنّ «شمت» الثلاثيّ يكون متعدّيا بنفسه ، والإضمار على خلاف الأصل.
وقال أبو البقاء ـ في هذا التّخريج ـ : «فلا تشمت أنت» فجعل الفاعل ضمير
__________________
(١) البيت لأبي النجم العجلي ينظر الكتاب ٢ / ٢١٤ ، المقتضب ٤ / ٢٥٢ ، المحتسب ٢ / ٢٣٨ ، ابن يعيش ٢ / ١٢ ، النوادر لأبي زيد ١٩ ، التصريح ٢ / ١٧٩ ، الهمع ٢ / ٥٤ ، الخزانة ١ / ٤٦٤ ، الدر المصون ٣ / ٣٤٨.
(٢) ينظر : العيني ٤ / ٢٥٠. الدر المصون ٣ / ٣٤٨.
(٣) وهي قراءة حميد بن قيس ، ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٥٧ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٩٥ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٨.