وسادسها : قال في البقرة (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) وههنا «خطيئاتكم».
وسابعها : قال هناك «وسنزيد المحسنين» بالواو وههنا حذفها.
وثامنها : قال في البقرة «فأنزلنا» وههنا «فأرسلنا».
وتاسعها : قال هناك (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). وقال ههنا «يظلمون».
وهذه ألفاظ لا منافاة بينها ألبتة ، ويمكن ذكر فوائدها.
أما قوله ههنا : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) إعلاما للسّامع بأن هذا القائل هو ذاك ، وأمّا قوله هناك «ادخلوا» ، وههنا «اسكنوا» فالفرق أنّه لا بدّ من دخول القرية أوّلا ، ثم سكونها ثانيا.
وأمّا قوله هناك «فكلوا» بالفاء وههنا بالواو ، فالفرق أنّ الدّخول حالة مخصوصة ، كما يوجد بعضها ينعدم ، فإنّه إنّما يكون داخلا في أوّل دخوله.
وأمّا بعد ذلك ، فيكون سكنى لا دخولا ، وإذا كان كذلك فالدّخول حالة منقضية زائلة وليس لها استمرار ، فحسن ذكر فاء التعقيب بعده ، فلهذا قال (ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا) وأمّا السّكنى فحالة مستمرة باقية فيكون الأكل حاصلا معها لا عقيبها فحصل الفرق.
وأمّا قوله هناك «رغدا» ولم يذكره هنا ؛ لأنّ الأكل عقيب دخول القرية يكون ألذ ؛ لأنّه وقت الحاجة الشديدة ، فلذلك ذكر رغدا وأما الأكل حالة السّكنى ، فالظّاهر أنّ الحاجة لا تكون شديدة.
وأمّا قوله هناك (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) وههنا على العكس ، فالمراد التّنبيه على أنّه يحسن تقديم كل واحد منهما على الآخر ، لأنّ المقصود منهما تعظيم الله تعالى وإظهار الخضوع ، وهذا لا يتفاوت الحال فيه بحسب التّقديم والتّأخير.
قال الزمخشريّ : التّقديم والتأخير في وقولوا وادخلوا سواء قدّموا «الحطّة» على دخول الباب ، أو أخّروها فهم جامعون في الإيجاد بينهما.
قال أبو حيّان : وقوله : سواء قدّموا أو أخّروها تركيب غير عربي ، وإصلاحه سواء أقدّموا أم أخّروا ، كما قال تعالى : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) [إبراهيم : ٢١].
فصل
قال شهاب الدّين (١) : يعني كونه أتى بعد لفظ «سواء» ب «أو» دون «أم» ، ولم يأت بهمزة التسوية بعد «سواء» وقد تقدّم أنّ ذلك جائز ، وإن كان الكثير ما ذكره وأنه قد قرىء (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] والرّدّ بمثل هذا غير «طائل».
وأما قوله في البقرة (خَطاياكُمْ) وههنا «خطيئاتكم» فهو إشارة على أنّ هذه الذنوب
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣٥٩.