وقال الزمخشريّ : و (إِذْ تَأْتِيهِمْ) بدل من «إذ يعدون» بدل بعد بدل ، يعني : أنه بدل ثان من القرية على ما تقدّم عنه ، وقد تقدّم ردّ أبي حيان عليه فيعود هنا.
و «حيتان» جمع «حوت» ، وإنّما أبدلت الواو ياء ، لسكونها وانكسار ما قبلها ، ومثله نون ونينان والنّون : الحوت.
قوله «شرّعا» حال من «حيتانهم» وشرّع : جمع شارع.
وقرأ عمر بن عبد العزيز (١) : «يوم إسباتهم» وهو مصدر «أسبت» إذا دخل في السّبت.
وقرأ عاصم بخلاف عنه وعيسى (٢) بن عمر «لا يسبتون».
وقرأ عليّ والحسن (٣) وعاصم بخلاف عنه «لا يسبتون» بضم الياء وكسر الباء ، من أسبت ، أي : دخل في السبت.
وقرىء (٤) : «يسبتون» بضمّ الياء وفتح الباء مبنيا للمفعول ، نقلها الزمخشريّ عن الحسن.
قال : أي لا يدار عليهم السبت ولا يؤمرون بأن يسبتوا ، والعامل في : (يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ) قوله : «لا تأتيهم» أي : لا تأتيهم يوم لا يسبتون ، وهذا يدلّ على جواز تقديم معمول المنفي ب «لا» عليها وقد تقدم فيه ثلاثة مذاهب : الجواز مطلقا كهذه الآية ، والمنع مطلقا ، والتفصيل بين أن يكون جواب قسم فيمتنع أو لا فيجوز.
ومعنى شرّعا أي ظاهرة على الماء كثيرة. من شرع فهو شارع ، ودار شارعة أي : قريبة من الطريق ، ونجوم شارعة أي : دنت من المغيب ، وعلى هذا فالحيتان كانت تدنو من القرية بحيث يمكنهم صيدها.
وقال الضّحّاك : متتابعة (٥).
فصل
قال ابن عباس ومجاهد : إنّ اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به يوم الجمعة فتركوه ، واختاروا السبت ، فابتلاهم الله به ، وحرم عليهم الصّيد ، وأمروا بتعظيمه ، فإذا كان يوم السّبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها ، فإذا انقضى السّبت ذهبت عنهم ، ولم تعد إلّا في السبت المقبل ، وذلك بلاء ابتلاهم الله به (٦).
فقوله (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) أي لا يفعلون السبت ، يقال : سبت يسبت إذا
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ١٧٠ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٤٦٨ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٠٨ ، والدر المصون ٣ / ٣٦٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٦٨ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٠٨ ، والدر المصون ٣ / ٣٦٠.
(٣) ينظر : السابق.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ١٧١.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٠٨.
(٦) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٥ / ٣١ ـ ٣٢.