عظم السبت. والمعنى : يدخلون في السّبت ، كما يقال : أجمعنا وأظهرنا وأشهرنا ، أي : دخلنا في الجمعة ، والظهر ، والشهر.
كما يقال : أصبحنا أي : دخلنا في الصباح.
قوله : (كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ). ذكر الزجاج ، وابن الأنباريّ في هذه الكاف ومجرورها وجهين :
أحدهما : قال الزّجّاج (١) : أي : مثل هذا الاختبار الشّديد نختبرهم ، فموضع الكاف نصب ب «نبلوهم».
قال ابن الأنباري : ذلك إشارة إلى ما بعده ، يريد : نبلوهم بما كانوا يفسقون كذلك البلاء الذي وقع بهم في أمر الحيتان ، وينقطع الكلام عند قوله «لا تأتيهم».
الوجه الثاني : قال الزجاج ويحتمل أن يكون ـ على بعد ـ أن يكون : ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك أي لا تأتيهم شرّعا ، ويكون «نبلوهم» مستأنفا.
قال أبو بكر : وعلى هذا الوجه كذلك راجعة إلى الشّروع في قوله تعالى : (يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) والتقدير : ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك الإتيان بالشّروع ، وموضع الكاف على هذا نصب بالإتيان على الحال ، أي : لا تأتي مثل ذلك الإتيان.
قوله : «بما كانوا» الباء سببية و «ما» مصدرية ، أي : نبلوهم بسبب فسقهم ، ويضعف أن تكون بمعنى «الذي» لتكلّف حذف العائد على التدريج.
وقد ذكر مكي هنا مسألة مختلفا فيها بين النّحاة ، لا تعلّق لها بهذا الموضع.
فقال : وأفصح اللغات أن ينتصب الظرف مع السبت والجمعة فتقول : اليوم السّبت ، واليوم الجمعة فتنصب اليوم على الظّرف ، وترفع مع سائر الأيام فتقول : اليوم الأحد واليوم الأربعاء لأنّه لا معنى للفعل فيهما فالمبتدأ هو الخبر فترفع.
قال شهاب الدّين (٢) : هذه المسألة فيها خلاف بين النّحويين ، فالجمهور كما ذكر يوجبون الرفع ؛ لأنّه بمنزلة قولك : اليوم الأول ، اليوم الثاني. وأجاز الفراء وهشام النّصب ، قالا : لأنّ اليوم بمنزلة : الآن وليست هذه المسألة مختصّة بالجمعة والسبت بل الضابط فيها : أنه إذا ذكر «اليوم» مع ما يتضمن عملا أو حدثا جاز الرفع والنصب نحو قولك : اليوم العيد ، اليوم الفطر ، اليوم الأضحى.
كأنك قلت : اليوم يحدث اجتماع وفطر وأضحية.
فصل
قال المفسّرون : وسوس لهم الشّيطان وقال : إنّ الله لم ينهكم عن الاصطياد وإنّما نهاكم عن الأكل فاصطادوا.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٢ / ٤٢٥.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣٦١.