قال ابن عباس : كان في عدن ، لا في جنّة الخلد (١).
وقيل : تعود على السّماء ، لأنه روي عن ابن عباس : «أنّه وسوس إليهما وهو في السّماء» (٢) ، ولأنّ الهبوط إنّما يكون من ارتفاع.
وقيل : يعود على الأرض ، أمر أن يخرج منها إلى جزائر البحار ولا يدخل في الأرض إلا كالسّارق.
وقيل : يعود على الرّتبة المنيفة ، والمنزلة الرّفيعة.
وقيل : يعود على الصّورة والهيئة الّتي كان عليها ؛ لأنّه كان مشرق الوجه فعاد مظلما.
قوله : «فاخرج» تأكيد ل «اهبط» إذ هو بمعناه.
وقوله : «فيها» لا مفهوم له يعني : أنّه لا يتوهّم أنّه يجوز أن يتكبّر في غيرها ولما اعتبر بعضهم هذا المفهوم ؛ احتاج إلى تقدير حذف معطوف كقوله : (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] قال : والتقدير : «فما يكون لك أن تتكبّر فيها ، ولا في غيرها إنّك من الصّاغرين الأذلّاء ، والصّغار الذّلّ والإهانة».
قوله تعالى : (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥) قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (١٦)
قوله : (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي : أخرني ، وأمهلني فلا تميتني إلى يوم يبعثون من قبورهم ، وهي النّفخة الأخيرة عند قيام السّاعة.
والضّمير في «يبعثون» يعود على بني آدم لدلالة السّياق عليهم ، كما دلّ على ما عاد عليه الضّميران في «منها» وفيها كما تقدم.
قوله : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) قال بعض العلماء : إنّه تعالى أنظره إلى النّفخة الأولى ؛ لأنّه تعالى قال في آية أخرى : (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) [الحجر : ٣٧ ، ٣٨] ، المراد منه اليوم الذي يموت فيه الأحياء كلهم.
وقال آخرون : لم يوقّت الله تعالى له أجلا بل قال : (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) وقوله في الآية الأخرى (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) المراد منه الوقت المعلوم في علم الله تعالى.
قالوا : والدّليل على صحّته : أنّ إبليس كان مكلّفا ، والمكلّف لا يجوز أن يعلم أنّ الله تعالى أخّر أجله إلى الوقت الفلانيّ ، لأنّ ذلك المكلّف يعلم أنّه متى تاب قبلت توبته ، وإذا علم أنّ وقت موته هو الوقت الفلانيّ أقدم على المعصية بقلب فارغ ، فإذا قرب وقت أجله ؛ تاب عن تلك المعاصي ، فثبت أن تعريف وقت الموت بعينه يجري
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.