أظهرها : أنّها منصوبة على المفعول من أجله ، أي : «وعظناهم لأجل المعذرة».
وقال سيبويه (١) : ولو قال رجل لرجل : معذرة إلى الله وإليك من كذا ، لنصب.
الثّاني : أنّها منصوبة على المصدر بفعل مقدر من لفظها ، تقديره : نعتذر معذرة.
الثالث : أن ينصب انتصاب المفعول به ؛ لأن المعذرة تتضمّن كلاما ، والمفرد المتضمّن لكلام إذا وقع بعد القول نصب نصب المفعول به ، ك «قلت خطبة». وسيبويه يختار الرّفع.
قال : لأنّهم لم يريدوا أن يعتذروا اعتذارا مستأنفا.
ولكنهم قيل لهم : لم تعظون؟
«فقالوا» موعظتنا معذرة.
والمعذرة : اسم مصدر وهو العذر.
وقال الأزهري : إنّها بمعنى الاعتذار ، والعذر : التّنصل من الذّنب.
قوله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) الضّمير في نسوا للمنهيّين و «ما» موصولة بمعنى «الذي» أي : فلمّا نسوا الوعظ الذي ذكّرهم به الصّالحون.
قال ابن عطيّة (٢) : ويحتمل أن يراد به الذّكر نفسه ، ويحتمل أن يراد به ما كان فيه الذكر.
قال أبو حيان (٣) : ولا يظهر لي هذان الاحتمالان.
قال شهاب الدّين (٤) : يعني ابن عطية بقوله : «الذّكر نفسه» أي : نفس الموصول مراد به المصدر كأنه قال : فلمّا نسوا الذّكر الذي ذكّروا به ، وبقوله : «ما كان فيه الذّكر» نفس الشيء المذكّر به الذي هو متعلّق الذكر ؛ لأن ابن عطيّة لمّا جعل «ما» بمعنى «الذي» قال : إنّها تحتمل الوقوع على هذين الشيئين المتغايرين.
فصل
النّسيان يطلق على السّاهي ، والعامد التّارك لقوله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) أي : تركوه عن قصد ، ومنه قوله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧].
فصل
المعنى : فلمّا تركوا ما وعظوا به ، (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي الذين أقدموا على المعصية.
واختلف المفسّرون في الفرقة السّاكتة. فنقل عن ابن عبّاس : أنّه توقّف فيهم ، ونقل
__________________
(١) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ١٦١.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٦٩.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٤١٠.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣٦٢.