اغتسل فالغسل أفضل ففاعل «نعمت» هنا مضمر يفسّره سياق الكلام.
قال أبو حيّان (١) : فهذه اثنتان وعشرون قراءة ، وضبطها بالتّلخيص : أنّها قرئت ثلاثية اللّفظ ، ورباعيّته ، فالثّلاثي اسما : بئس ، وبيس ، وبيس ، وبأس ، وبأس ، وبئس ، وفعلا بيس وبئس ، وبئس ، وبأس ، وبأس ، وبيس.
والرباعية اسما : بيئس ، وبيئس ، وبيئس ، وبيّس ، وبئيس ، وبئيس ، وبئيس ، وبئيس. وفعلا : بأس».
وقد زا أبو البقاء (٢) أربع قراءات أخر : بيس بباء مفتوحة وياء مكسورة.
قال : وأصلها همزة مكسورة فأبدلت ياء ، وبيس بفتحهما.
قال : وأصلها ياء ساكنة وهمزة مفتوحة إلّا أنّ حركة الهمزة ألقيت على الياء وحذفت ، ولم تقلب الياء ألفا ، لأنّ حركتها عارضة. وبأيس بفتح الباء ، وسكون الهمزة وفتح الياء.
قال : وهو بعيد إذ ليس في الكلام «فعيل» وبيآس على فيعال. وهو غريب.
قوله تعالى : (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ) الآية.
قال ابن عباس «أبوا أن يرجعوا عن المعصية» (٣) والعتو : هو الإباء والعصيان.
فإن قيل : إذا عتوا عمّا نهوا عنه فقد أطاعوا ؛ لأنّهم أبوا عمّا نهوا عنه ، وليس المراد ذلك.
فالجواب : ليس المراد أنهم أبوا عن النهي ، بل أبوا عن امتثال ما أمروا به.
وقوله : (قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ).
قال بعضهم ليس المراد منه القول ؛ بل المراد منه أنه تعالى فعل ذلك.
قال : وفيه دلالة على أن قوله : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠] هو بمعنى الفعل لا الكلام.
وقال الزجاج أمروا بأن يكونوا كذلك بقول سمع ، فيكون أبلغ.
قال ابن الخطيب : وحمل هذا الكلام على الأمر بعيد ؛ لأنّ المأمور بالفعل يجب أن يكون قادرا عليه ، والقوم ما كانوا قادرين على أن يقلبوا أنفسهم قردة.
فصل
قال ابن عبّاس : أصبح القوم قردة خاسئين ؛ فمكثوا كذلك ثلاثة أيّام تراهم النّاس
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٤١١.
(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٢٨٨.
(٣) تقدم.