قوله وظنّوا فيه أوجه :
أحدها : أنّه في محل جرّ نسقا على نتقنا المخفوض بالظّرف تقديرا.
والثاني : أنه حال و «قد» مقدرة عند بعضهم ، وصاحب الحال إمّا : الجبل أي : كأنّه ظلّة في حال كونه مظنونا وقوعه بهم ، ويضعف أن يكون صاحب الحال : هم في : فوقهم.
الثالث : أنه مستأنف ، فلا محلّ له ، والظنّ هنا على بابه.
قال أهل المعاني : قوي في نفوسهم ويجوز أن يكون بمعنى اليقين.
قال المفسّرون : علموا وأيقنوا أنّه واقع بهم والباء على بابها أيضا.
قيل : ويجوز أن تكون بمعنى «على».
قوله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) أي : وقلنا لهم خذوا ما آتيناكم بقوة بجد واجتهاد.
روي أنهم لمّا أبوا قبول أحكام التوراة لثقلها رفع الله الطور على رءوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخا في فرسخ.
وقيل لهم إن قبلتموها بما فيها وإلّا ليقعن عليكم ، فلمّا نظروا إلى الجبل خرّ كل واحد منهم ساجدا على جانبه الأيسر وهو ينظر بعينه اليمنى خوفا من سقوطه ، فلذلك لا ترى يهوديّا سجد إلا على جانبه الأيسر ، ويقولون : هي السّجدة التي رفعت عنّا بها العقوبة.
قوله واذكروا العامّة على التخفيف أمرا من : ذكر يذكر ، والأعمش (١) واذّكروا بتشديد الذال من الاذّكار ، والأصل : اذتكروا ، والاذتكار ، تقدم تصريفه.
وقرأ ابن (٢) مسعود تذكّروا من : «تذكّر» بتشديد الكاف.
وقرىء (٣) وتذّكّروا بتشديد الذال والكاف والأصل : ولتتذكّروا فأدغمت التاء في الذال ، وحذفت لام الجزم كقوله : [الوافر]
٢٦١٥ ـ محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
.......... (٤) |
فصل
قال ابن عبّاس وغيره : لمّا أخذ موسى الألواح وأتى بها إلى بني إسرائيل ، وفيها التوراة أمرهم بقبولها ، والأخذ بها بقوة.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٧٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٤١٩ ، والدر المصون ٣ / ٣٦٩.
(٢) ينظر : السابق ، والكشاف ٢ / ١٧٥.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٤١٩ ، والدر المصون ٣ / ٣٦٩.
(٤) تقدم.