فقالوا : انشرها علينا ، فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها.
فقال : بل اقبلوها بما فيها فراجعوه مرارا ، فأمر الله الملائكة ، فرفعوا الجبل على رءوسهم حتى صار كأنّه ظلّة أي : غمامة فوق رءوسهم.
وقيل لهم إن لم تقبلوها بما فيها وإلّا سقط هذا الجبل عليكم ؛ فقبلوها ، وأمروا بالسّجود ؛ فسجدوا وهم ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم فصارت سنة اليهود إلى اليوم.
ويقولون : لا سجدة أعظم من سجدة رفعت عنا العذاب (١).
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(١٧٤)
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) الآية.
قال المفسّرون : روى مسلم بن يسار الجهني أن عمر ـ رضي الله عنه ـ سئل عن هذه الآية ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسأل عنها ، فقال : إنّ الله تعالى خلق آدم ثمّ مسح ظهره ؛ فاستخرج منه ذرّية فقال : خلقت هؤلاء للجنّة وبعمل أهل الجنّة يعملون ، ثمّ مسح ظهره واستخرج منه ذرّيّة ، فقال : هؤلاء للنّار وبعمل أهل النّار يعملون.
فقال رجل : يا رسول الله : ففيم العمل؟
فقال ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : «إنّ الله تبارك وتعالى إذا خلق العبد للجنّة استعمله بعمل أهل الجنّة حتّى يموت على عمل من أعمال أهل الجنّة فيدخله الله الجنّة ، وإذا خلق الله العبد للنّار استعمله بعمل أهل النّار حتّى يموت على عمل أهل النّار ، فيدخله الله النّار». وهذا حديث حسن ، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر ، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم وعمر رجلا (٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٠٨ ـ ١٠٩).
(٢) أخرجه مالك كتاب القدر (٢) : باب النهي عن القول بالقدر وأحمد (١ / ٤٤ ـ ٤٥) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٨ / ٩٦ ـ ٩٧) وأبو داود (٤٧٠٣) والترمذي (٣٠٧٧) والنسائي في «تفسيره» كما في تحفة الأشراف (٨ / ١١٣ ـ ١١٤) والطبري في «تفسيره» (٦ / ١١٢ ـ ١١٣). وابن حبان (١٨٠٤ ـ موارد) والحاكم (١ / ٢٧) والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص (٣٢٦) من طرق عن مسلم بن يسار عن عمر.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي بقوله : قلت فيه إرسال.
يقصد الانقطاع بين مسلم بن يسار وعمر رضي الله عنه. ـ