والثاني : أنّ «الحسنى» مصدر على «فعلى» كالرّجعى ، والبقيا.
قال : [الوافر]
٢٦٣٥ ـ ولا يجزون من حسنى بسوء |
|
.......... (١) |
والأسماء هنا : الألفاظ الدّالّة على الباري تعالى ك : الله والرّحمن.
قال القرطبي (٢) : وسمّى الله أسماءه بالحسنى ؛ لأنّها حسنة في الأسماع والقلوب ؛ فإنّها تدلّ على توحده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله.
وقال ابن عطية (٣) المراد بها التّسميات إجماعا من المتأولين لا يمكن غيره. وفيه نظر ؛ لأنّ التسمية مصدر ، والمصدر لا يدعى به على كلا القولين في تفسير الدعاء ، وذلك أنّ معنى فادعوه نادوه بها ، كقولهم : يا الله ، يا رحمن ، يا ذا الجلال والإكرام ، اغفر لنا.
وقيل : سموه بها كقولك : سمّيت ابني بزيد ، والآية دالّة على أنّ لله تعالى أسماء حسنة وأنّ الإنسان لا يدعو الله إلّا بها ، وأنّها توقيفية لا اصطلاحيّة ؛ لأنّه يجوز أن يقال : يا جوّاد ولا يجوز أن يقال : يا سخي ، ويجوز أن يقال : يا عالم ، ولا يجوز أن يقال : يا فقيه ، يا عاقل يا طبيب.
وقال تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النساء : ١٤٢].
وقال : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) [آل عمران : ٥٤] ولا يقال في الدّعاء : يا مخادع يا مكّار.
روى أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ لله تسعة وتسعين اسما مائة إلّا واحدا من أحصاها دخل الجنّة» (٤). «إنّه وتر يحبّ الوتر» (٥).
قوله : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) قرأ (٦) حمزة هنا ، وفي النّحل ، وحم السجدة يلحدون بفتح الياء والحاء من «لحد» ثلاثيا ، والباقون بضم الياء وكسر الحاء ، من «ألحد».
__________________
(١) صدر بيت لأبي الغول وعجزه :
ولا يجزون من غلظ بلين
ينظر الحماسة ١ / ٤٠ ، ابن يعيش ٦ / ١٠٠ ، ١٠٢ ، الخزانة ، ٦ / ٤٣٤ ، ٨ / ٣١٤ ، الدر المصون ٣ / ٣٧٥.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٢٠٧.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٨٠.
(٤) متفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ١٣ / ٣٧٧ ، كتاب التوحيد : باب إن لله مائة اسم إلا ... الحديث (٧٣٩٢) وأخرجه مسلم في الصحيح ٤ / ٢٠٦٣ ، كتاب الذكر.
باب أسماء الله تعالى (٢) الحديث (٦ / ٢٦٧٧) واللفظ لهما.
(٥) متفق عليه أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٢١٤ ، كتاب الدعوات : باب مائة اسم .. الحديث (٦٤١٠) واللفظ له ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٤ كتاب الذكر.
(٦) ينظر : السبعة ٢٩٨ ، والحجة ٤ / ١٠٧ ـ ١٠٨ ، وإعراب القراءات ١ / ٢١٥ ، وحجة القراءات ٣٠٣ ، وإتحاف ٢ / ٧٠.