٢٦٥٠ ـ .......... |
|
إنّ حرّاسنا أسدا (١) |
قال : وهي لغة ثابتة ثم قال : فإن تأوّلوا ما ورد من ذلك ؛ نحو : [الرجز]
٢٦٥١ ـ يا ليت أيّام الصّبا رواجعا (٢)
أي : ترى رواجعا ، فكذلك هذه يكون تأويلها : إن الذين تدعون من دون الله خلقناهم عبادا أمثالكم.
قال شهاب الدّين (٣) : فيكون هذا التّخريج مبنيا على مذهبين.
أحدهما : إعمال المخفّفة.
وقد نصّ جماعة من النحويين على أنّه أقل من الإهمال ، وعبارة بعضهم أنّه قليل ، ولا أرتضيه قليلا لوروده في المتواتر.
الثاني : أنّ إنّ وأخواتها تنصب الجزأين ، وهو مذهب مرجوح ، وقد تحصّل في تخريج هذه القراءة ثلاثة أوجه : كون إن نافية عاملة ، والمخففة الناصبة للجزءين ، أو النصب بفعل مقدر هو خبر لها في المعنى.
وقرأ بعضهم (٤) إن مخففة ، عبادا نصبا أمثالكم رفعا ، وتخريجها على أن تكون المخففة وقد أهملت والذين مبتدأ ، و «تدعون» صلتها والعائد محذوف ، وعبادا حال من ذلك العائد المحذوف ، وأمثالكم خبره ، والتقدير : إنّ الذين تدعونهم حال كونهم عبادا أمثالكم في كونهم مخلوقين مملوكين ، فكيف يعبدون؟
ويضعف أن يكون الموصول اسما منصوب المحل ؛ لأن إعمال المخففة كما تقدّم قليل.
وحكى أبو البقاء أيضا قراءة رابعة وهي بتشديد إنّ ونصب عباد ورفع أمثالكم وتخريجها على ما تقدم قبلها.
فصل
في الآية سؤال : وهو أنه كيف يحسن وصف الأصنام بأنّها عباد مع أنها جمادات؟
والجواب : من وجوه :
أحدها : أن المشركين لمّا ادعوا أنّها تضر وتنفع ؛ وجب أن يعتقدوا فيها كونها عاقلة
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت للعجاج. ينظر : ملحقات ديوانه (٨٢) ، المغني ١ / ٢٨٥ ، شرح المفصل ١ / ١٠٣ ، الأشموني ١ / ٢٧٠ ، الهمع ١ / ١٣٤ ، شرح الكافية ٢ / ٣٤٧ ، الكتاب ٢ / ١٤٢ ، وطبقات ابن سلام ١ / ٧٨ ، وشرح الجمل ١ / ٤٢٥ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٤٧ ، والمغني ١ / ٢٨٥ ، والفوائد الضيائية ٢ / ٣٥٣ ، والخزانة ١٠ / ٢٣٤ والدر المصون ٣ / ٣٨٥.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣٨٥.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ١٨٩ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٤٨٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٤٠.