خلاف مشهور قال أبو حيان : وقرأ أبو عمرو وهشام بخلاف عنه فكيدوني بإثبات الياء وصلا ووقفا.
قال شهاب الدّين : أبو عمرو لا يثبتها وقفا ألبتّة ، فإنّ قاعدته في الياءات الزائدة ما ذكرته ، وفي قراءة فكيدوني ثلاثة ألفاظ ، هذه وقد عرف حكمها ، وفي هود : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً) أثبتها القراء كلهم في الحالين.
وفي المرسلات : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) [الآية ٣٩] حذفها الجميع في الحالين وهذا نظير ما تقدّم في قوله (وَاخْشَوْنِي) [البقرة : ١٥٠] فإنّها في البقرة ثابتة للكلّ وصلا ووقفا ، ومحذوفة في أوّل المائدة ، ومختلف في ثانيتها.
فصل
والمعنى : ادعوا شركاءكم يا معشر المشركين ثمّ كيدوني أنتم وهم فلا تنظرون أي لا تمهلون واعجلوا في كيدي ليظهر لكم أنّه لا قدرة لها على إيصال المضار بوجه من الوجوه.
قوله تعالى : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (١٩٨)
قوله : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ) العامة على تشديد وليّي مضافا لياء المتكلم المفتوحة ، وهي قراءة واضحة أضاف الوليّ إلى نفسه.
وقرأ أبو عمرو في (١) بعض طرقه (إِنَّ وَلِيِّيَ) بياء واحدة مشددة مفتوحة ، وفيها تخريجان :
أحدهما : قال أبو عليّ : إن ياء «فعيل» مدغمة في ياء المتكلم ، وإنّ الياء التي هي لام الكلمة محذوفة ، ومنع من العكس.
والثاني : أن يكون وليّ اسمها ، وهو اسم نكرة غير مضاف لياء المتكلم ، والأصل : إنّ وليّا الله ف «وليّا» اسمها والله خبرها ، ثم حذف التنوين ؛ لالتقاء الساكنين ؛ كقوله : [المتقارب]
٢٦٥٢ ـ فألفيته غير مستعتب |
|
ولا ذاكر الله إلّا قليلا (٢) |
وكقراءة من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص : ١ ـ ٢] ولم يبق إلّا الإخبار عن نكرة بمعرفة ، وهو وارد.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٣٠٠ ، والحجة ٤ / ١١٦ ـ ١١٧ ، وإعراب القراءات ١ / ٢١٧ ، وإتحاف فضلاء البشر ٢ / ٧٢.
(٢) تقدم.