وإن كان ما قبلها غير مكسور. وأمّا طائف فاسم فاعل يحتمل أن يكون من : طاف يطوف ، فيكون ك : قائم وقائل. وأن يكون من : طاف يطيف ، فيكون ك : بائع ومائل وزعم بعضهم أنّ : طيفا وطائفا بمعنى واحد ويعزى للفرّاء ، فيحتمل أن يردّ طائفا ل : طيف فيجعلهما مصدرين ، وقد جاء فاعل مصدرا ، كقولهم : أقائما وقد قعد النّاس ، وأن يردّ طيفا ل : طائف أي : فيجعله وصفا على فعل.
وقال الفارسي (١) : الطّيف كالخطرة ، والطّائف كالخاطر ففرّق بينهما ، وقال الكسائيّ الطّيف : اللّمم ، والطّائف : ما طاف حول الإنسان.
قال ابن عطيّة : وكيف هذا ؛ وقد قال الأعشى : [الطويل]
٢٦٦١ ـ وتصبح من غبّ السّرى وكأنّها |
|
ألمّ بها من طائف الجنّ أولق (٢) |
ولا أدري ما تعجّبه؟ وكأنه أخذ قوله ما طاف حول الإنسان مقيّدا بالإنسان وهذا قد جعله طائفا بالنّاقة ، وهي سقطة ؛ لأنّ الكسائيّ إنّما قاله اتفاقا لا تقييدا.
وقال أبو زيد الأنصاريّ : طاف : أقبل وأدبر ، يطوف طوفا ، وطوافا ، وأطاف يطيف إطافة : استدار القوم من نواحيهم ، وطاف الخيال : ألمّ يطيف طيفا. فقد فرّق بين ذي الواو ، وذي الياء ، فخصّص كلّ مادة بمعنى ، وفرّق أيضا بين فعل وأفعل كما رأيت.
وزعم السّهيليّ : أنه لا يستعمل من طاف الخيال اسم فاعل ، قال : «لأنّه تخيّل لا حقيقة له» قال : فأما قوله تعالى : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) [القلم : ١٩] فلا يقال فيه «طيف» ؛ لأنه اسم فاعل حقيقة ؛ وقال حسان : [السريع]
٢٦٦٢ ـ جنّيّة أرّقني طيفها |
|
يذهب صبحا ويرى في المنام (٣) |
وقال السديّ : الطّيف الجنون ، والطائف : الغضب (٤) ، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ هو بمعنى واحد ، وهو النّزغ (٥).
فصل
قال المفسرون : الطّيف اللمة والوسوسة.
وقيل : الطّائف ما طاف به من سوسة الشيطان ، والطيف اللمم والمسّ وقال
__________________
(١) ينظر : الحجة ٤ / ١٢١.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : ديوانه ١٨٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٤٦ ، والدر المصون ٣ / ٣٨٩.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٥٦) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٨٣) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في «ذم الغضب» وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٥٧).