الجحدريّ : يمادّونهم من : مادّه بزنة : فاعله ، وقرأ العامّة يقصرون من : أقصر ، قال الشاعر : [الطويل]
٢٦٦٤ ـ لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر |
|
ولا مقصر يوما فيأتيني بقر (١) |
وقال امرؤ القيس : [الطويل]
٢٦٦٥ ـ سما لك شوق بعد ما كان أقصرا |
|
وحلّت سليمى بطن قوّ فعرعرا (٢) |
أي : ولا نازع ممّا هو فيه ، وارتفع شوقك بعد ما كان قد نزع وأقلع ، وقرأ عيسى ابن عمر (٣) ، وابن أبي عبلة (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) بفتح الياء من : قصر ، أي : لا ينقصون من إمدادهم وهذه الجملة أعني : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ) زعم الزجاج : أنها متصلة بالجملة من قوله (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) [الأعراف : ١٩٢] وهو تكلف بعيد.
وقوله «في الغيّ» قد تقدّم أنه يجوز أن يكون متعلقا بالفعل ، أو ب «إخوانهم» أو بمحذوف على أنه حال إمّا من «إخوانهم» وإمّا من واو «يمدّونهم» وإمّا من مفعوله.
فصل
قال اللّيث : الإقصار : الكفّ عن الشّيء ، وأقصر فلان عن الشّيء يقصر إقصارا إذا كفّ عنه وانتهى.
قال ابن عبّاس : ثمّ لا يقصرون عن الضّلال والإضلال ، أمّا الغاوي ففي الضّلال ، وأمّا المغوي ففي الإضلال. قال الكلبيّ لكل كافر أخ من الشياطين يمدّونهم أي : يطيلون لهم في الإغواء حتّى يستمرّوا عليه (٤).
وقيل : يزيدونهم في الضّلالة.
قوله (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) يعني إذا لم تأت المشركين بآية «قالوا لو لا اجتبيتها» أي : هلّا افتعلتها ، وأنشأتها من قبل نفسك ، الاجتباء : افتعال من : جباه يجبيه ، أي : يجمعه مختارا له ، ولهذا يقال : اجتبيت الشيء ، أي : اخترته.
وقال الزمخشريّ : اجتبى الشيء ، بمعنى جباه لنفسه ، أي جمعه ، كقولك : اجتمعه أو جبي إليه ، فاجتباه : أي أخذه ، كقولك : جليت له العروس فاجتلاها ، والمعنى هلّا اجتمعتها افتعالا من عند نفسك.
__________________
(١) البيت لامرىء القيس. ينظر : ديوانه (١٠٩) والبحر المحيط ٤ / ٤٤٧ ، واللسان «قرر» والدر المصون ٣ / ٣٩٠.
(٢) ينظر : ديوانه (٥٦) والدر المصون ٣ / ٢٩٠.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٩٣ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٤٧ ، والدر المصون ٣ / ٣٩٠.
(٤) انظر : تفسير الرازي (١٥ / ٨٢).