٢٦٧٤ ـ حتّى استغاثت بماء لا رشاء له |
|
من الأباطح في حافاته البرك |
مكلّل بأصول النّجم تنسجه |
|
ريح خريق لضاحي مائه حبك |
كما استغاث بسيء فزّ غيطلة |
|
خاف العيون ولم ينظر به الحشك (١) |
فدلّ هذا على أنّه يتعدّى بالحرف كما استعمله سيبويه وغيره.
فصل
الاستغاثة : طلب الغوث ، وهو النّصر والعون ، وقيل : الاستغاثة : سدّ الخلّة وقت الحاجة ، وقيل : هي الاستجارة ، ويقال : غوث ، وغواث ، والغيث من المطر ، والغوث من النّصرة ، فعلى هذا يكون «استغاث» مشتركا بينهما ، ولكن الفرق بينهما في الفعل ، فيقال : استغثته فأغاثني من الغوث ، وغاثني من الغيث ، وفي هذه الاستغاثة قولان :
الأول : أنّ هذه الاستغاثة كانت من الرّسول ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ.
قال ابن عبّاس : حدّثني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : لمّا كان يوم بدر نظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المشركين ، وهم ألف وإلى أصحابه ، وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، واستقبل القبلة ، ومد يده ، فجعل يهتف بربّه : «اللهمّ أنجز لي ما وعدتني ، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» فلم يزل كذلك حتّى سقط رداؤه عن منكبه ، وردّه أبو بكر ثمّ التزمه ، ثم قال : كفاك يا نبيّ الله مناشدتك ربّك ، فإنّه سينجز لك ما وعدك ؛ فأنزل الله الآية ، ولما اصطفّ القوم قال أبو جهل : اللهمّ أولانا بالحقّ فانصره (٢).
الثاني : أن هذه الاستغاثة كانت من جماعة المؤمنين ؛ لأن الوجه الذي لأجله أقدم الرسول على الاستغاثة كان حاصلا فيهم ، بل خوفهم كان أشدّ من خوف الرسول ، ويمكن الجمع بينهما بأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم دعا وتضرع ، والمؤمنون كانوا يؤمّنون على دعائه.
__________________
(١) الأبيات لزهير ينظر : ديوانه (١٧٥ ـ ١٧٧) والبحر المحيط ٤ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠ والدر المصون ٢ / ٣٩٨.
والدر اللقيط ٤ / ٤٦٥ والبيت الأول ينظر : الألوسي ٩ / ١٧٢ وحاشية الشهاب ٤ / ٢٥٥ ، واللسان (برك) والتهذيب ١٠ / ٢٢٩ (برك) والبيت الثاني في اللسان (حبك) والمحتسب ٢ / ٢٨٧ ، والبيت الثالث في الخصائص ٢ / ٣٣٤ واللسان (حشك) ، والدر المصون ٣ / ٣٩٨.
(٢) أخرجه أحمد (١ / ٣٠ ، ٣٢) ومسلم (٣ / ١٣٨٣ ـ ١٣٨٤) كتاب الجهاد والسير : باب : الإمداد بالملائكة في غزوة بدر حديث (٥٨ / ١٧٦٣) والترمذي (٥ / ٢٥١ ـ ٢٥٢) كتاب التفسير : باب سورة الأنفال حديث (٣٠٨١) وأبو داود (٢ / ٦٨) رقم (٢٦٩٠) والطبري في «تفسيره» (٦ / ١٨٨) وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (ص ٣٥٧ ـ ٣٥٨) والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٥١ ـ ٥٢) من طريق أبي زميل عن ابن عباس عن عمر به ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٠٨) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي عوانة وابن حبان وأبي الشيخ وابن مردويه.