الثاني : أنها خبر مبتدأ محذوف أي : الحتم ، أو الواجب أنّ للكافرين عذاب النّار.
الثالث : أن تكون عطفا على : «ذلكم» في وجهيه قاله الزمخشريّ. ويعني بقوله «في وجهيه» أي : وجهي الرفع وقد تقدّما.
الرابع : أن تكون في محلّ نصب على المعيّة.
قال الزمخشريّ : «أو نصب على أنّ الواو بمعنى «مع» والمعنى : ذوقوا هذا العذاب العاجل مع الآجل الذي لكم في الآخرة ، فوضع الظاهر موضع المضمر» : يعني بقوله : «وضع الظّاهر موضع المضمر» أنّ أصل الكلام فذوقوه وأنّ لكم فوضع «للكافرين» موضع «لكم» شهادة عليهم بالكفر ومنبهة على العلّة.
الخامس : أن يكون في محل نصب بإضمار «واعلموا».
قال الفراء (١) : يجوز نصبه من وجهين :
أحدهما : على إسقاط الباء ، أي : بأنّ للكافرين.
والثاني : على إضمار «اعلموا» ؛ قال الشاعر : [الرجز]
٢٦٨٥ ـ تسمع للأحشاء عنه لغطا |
|
ولليدين جسأة وبددا (٢) |
أي : وترى لليدين بددا ، فأضمر «ترى» كذلك : «فذوقوه» واعلموا : (أَنَّ لِلْكافِرِينَ).
وأنكره الزجاج أشدّ إنكار.
وقال : لو جاز هذا لجاز : زيد قائم وعمرا منطلقا ، أي : وترى عمرا منطلقا ولا يجيزه أحد.
ونبّه بقوله «فذوقوه» وهو ما عجل من القتل والأسر على أنّ ذلك يسير بالإضافة إلى عذاب القيامة فلذلك سمّاه ذوقا لأن الذوق لا يكون إلّا لتعرف الطعم ، فقوله : «فذوقوه» يدلّ على أنّ الذوق يكون في إدراك غير المطعوم كقوله (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : ٤٩].
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(١٦)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) الآية.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٤٠٥.
(٢) ينظر البيت في معاني الفراء ١ / ٤٠٥ ، ٣ / ١٢٣ وأمالي المرتضى ٢ / ٢٥٩ والخصائص ٢ / ٤٣٢ والدر المصون ٣ / ٤٠٦.