قال ابن عبّاس : ينبىء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقول : إنّي قد أوهنت كيد عدوك حتى قتلت خيارهم وأسرت أشرافهم (١).
قوله تعالى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)(١٩)
قوله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) قال الحسن ، ومجاهد ، والسّدّي : إنه خطاب للكافرين ، وذلك أنّ أبا جهل قال يوم بدر : اللهم ، انصر أفضل الفريقين وأحقّه بالنّصر.
وروي (٢) أنه قال : اللهم ، أينا كان أقطع للرّحم وأفجر ؛ فأهلكه الغداة (٣).
وقال السدي : «لمّا أراد المشركون الخروج إلى بدر تعلّقوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهمّ انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدينين ، فأنزل الله تعالى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) أي : تستنصروا لإحدى القبيلين ، فقد جاءكم النصر» (٤).
وقال آخرون : المعنى : إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء.
قال عبد الرحمن بن عوف : إني لفي الصّف يوم بدر ، فالتفت ، فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السّنّ وكأني لم آمن لمكانهما ، فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما ، إذ قال لي أحدهما سرّا من صاحبه ، أي عم أرني أبا جهل ، فقلت : يا ابن أخي ما تصنع به؟.
قال : عاهدت الله إن رأيته أن أقتله ، أو أموت دونه ، وقال لي الآخر سرّا من صاحبه مثله ، فما سرّني أنني بين رجلين مكانهما فأشرت لهما عليه ، فشدّا عليه مثل الصقرين حتّى ضرباه ، وهما ابنا عفراء (٥).
وقال عكرمة : قال المشركون : والله ما نعرف ما جاء به فافتح بيننا وبينه بالحق ،
__________________
(١) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (١٥ / ١١٤) عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٠٦) عن عطية وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣١٨) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره الرازي في «تفسيره» (١٥ / ١١٤) عن الحسن ومجاهد والسدي.
(٣) أخرجه أحمد (٥ / ٤٣١) والنسائي في «الكبرى» (٦ / ٣٥٠) والحاكم (٢ / ٣٢٨) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٣ / ٧٤) من طريق ابن شهاب الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير به.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣١٨) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه وابن منده.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٠٦) عن السدي.
(٥) أخرجه البخاري (٧ / ٣٥٨) كتاب المغازي ب (١٠) حديث (٣٩٨٨) ومسلم (٣ / ١٣٧٢) كتاب الجهاد والسير : باب استحقاق القاتل سلب القتيل.