وقرىء (١) «ولن يغني» بالياء من تحت لأن تأنيثه مجازي ، وللفصل أيضا. (وَلَوْ كَثُرَتْ) هذه الجملة الامتناعية حالية ، وقد تقدّم تحقيق ذلك.
قوله : (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) قرأ نافع ، وابن عامر (٢) ، وحفص عن عاصم ، بالفتح.
والباقون : بالكسر ، فالفتح من أوجه :
أحدها : أنه على لام العلّة تقديره : ولأنّ الله مع المؤمنين كان كيت وكيت.
والثّاني : أن التقدير : ولأنّ الله مع المؤمنين امتنع عنادهم
والثالث : أنه خبر مبتدأ محذوف أي : والأمر أنّ الله مع المؤمنين ، وهذا الوجه الأخير يقرب في المعنى من قراءة الكسر لأنه استئناف.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٣)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية.
لمّا خاطب المؤمنين بقوله : (وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أتبعه بتأديبهم فقال : (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) ولم يبين ماذا يسمعون إلّا أنّ الكلام من أول السورة إلى ههنا لما كان واقعا في الجهاد علم أن المراد وأنتم تسمعون دعاءه إلى الجهاد.
قوله (وَلا تَوَلَّوْا) الأصل : تتولّوا فحذف إحدى التّاءين ، وقد تقدّم الخلاف في أيتهما المحذوفة.
وقوله : (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) جملة حالية ، والضمير في «عنه» يعود على الرّسول ؛ لأنّ طاعته من طاعة الله.
وقيل : يعود على الله ، وهذا كقوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] وقيل : يعود على الأمر بالطّاعة.
قوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) أي : لا تكونوا كالذين يقولون بألسنتهم إنّا قبلنا تكاليف الله تعالى : ثمّ إنّهم بقلوبهم لا يقبلونها ، وهذه صفة المنافقين.
قوله : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ).
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٠٨.
(٢) ينظر : السبعة ص (٣٠٥) ، الحجة للقراء السبعة ٤ / ١٢٨ ، حجة القراءات ص (٣١٠) ، إعراب القراءات ١ / ٢٢٣ ، إتحاف ٢ / ٧٨ ، النشر ٢ / ٢٧٦.