وقال الآخر : [الوافر]
٢٧١٠ ـ لقد طوّفت في الآفاق حتّى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب (١) |
قوله «من شيء» في محلّ نصب على الحال من عائد الموصول المقدّر ، والمعنى : ما غنمتموه كائنا من شيء ، أي : قليلا أو كثيرا. وحكى ابن عطية عن الجعفي عن أبي بكر عن عاصم. وحكى غيره عن الجعفيّ عن هارون عن أبي عمرو : (فَأَنَّ لِلَّهِ) بكسر الهمزة ، ويؤيد هذه القراءة قراءة النخعي (٢) «فلله خمسه» فإنها استئناف ، وخرجها أبو البقاء على أنّها وما في حيّزها في محلّ رفع ، خبرا ل «أنّ» الأولى.
وقرأ الحسن (٣) وعبد الوارث عن أبي عمرو : «خمسه» بسكون الميم ، وهو تخفيف حسن.
وقرأ الجعفيّ «خمسه» بكسر الخاء. قالوا : وتخريجها على أنّه أتبع الخاء لحركة ما قبلها ، وهي هاء الجلالة من كلمة أخرى مستقلة ، قالوا : وهي كقراءة من قرأ : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) [الذاريات : ٧] بكسر الحاء إتباعا لكسرة التاء من «ذات» ولم يعتدّوا بالساكن ، وهو لام التعريف ، لأنه حاجز غير حصين.
قال شهاب الدين (٤) «ليت شعري ، وكيف يقرأ الجعفيّ والحالة هذه؟ فإنه إن قرأ كذلك مع ضم الميم فيكون في غاية الثقل ، لخروجه من كسر إلى ضمّ ، وإن قرأ بسكونها وهو الظّاهر فإنه نقلها قراءة عن أبي عمرو ، أو عن عاصم ، ولكن الذي قرأ : «ذات الحبك» يبقي ضمّة الباء ، فيؤدي إلى «فعل» بكسر الفاء وضمّ العين ، وهو بناء مرفوض».
وإنما قلت : إنه يقرأ كذلك ؛ لأنه لو قرأ بكسر التاء لما احتاجوا إلى تأويل قراءته على الإتباع ؛ لأن في «الحبك» لغتين : ضمّ الحاء والباء ، وكسرهما ، حتّى زعم بعضهم أنّ قراءة الخروج من كسر إلى ضمّ من التّداخل.
فصل
والغنيمة في الشريعة ، والفيء ، اسمان لما يصيبه المسلمون من أموال (٥) الكفار.
__________________
(١) البيت لامرىء القيس. ينظر : ديوانه (٩٩) ، والكامل ٢ / ١٤٣ ، والعمدة ١ / ١٠٣ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٢٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٩٢ ، والتهذيب ٩ / ١٩٧ وشرح المفضليات ١ / ٤٢١ ، واللسان «نقب» والدر المصون ٣ / ٤٢٠.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٢١ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٣١ ، البحر المحيط ٤ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ، الدر المصون ٣ / ٤٢٠.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٢١ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٣١.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٢٠.
(٥) الغنيمة في اللغة ما ينال الرجل أو الجماعة بسعي ، ومن ذلك قول الشاعر :
وقد طوّفت في الآفاق حتى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب |