منهم عنوة بقتال ، والفيء : ما كان من صلح بغير قتال.
قوله (مِنْ شَيْءٍ) يعني : من أي شيء كان حتّى الخيط : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) ذهب أكثر المفسّرين والفقهاء إلى أنّ قوله : «لله» افتتاح على سبيل التبرّك ، وأضاف هذا المال لنفسه لشرفه. وليس المراد أن سهما من الغنيمة «لله» مفردا ، فإن الدنيا والآخرة لله عزوجل وهو قول قتادة والحسن وعطاء وإبراهيم والشعبي قالوا : سهم الله وسهم الرسول واحد والغنيمة تقسم خمسة أخماس أربعة أخماسها لمن قاتل عليها ، والخمس لخمسة أصناف كما ذكر الله تعالى (وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(١).
وقال أبو العالية ، وغيره : يقسم الخمس على ستة أسهم : سهم لله تعالى ، ثم القائلون بهذا القول منهم من قال : يصرف سهم الله إلى الرسول ، ومنهم من قال : يصرف لعمارة الكعبة (٢).
وقال بعضهم : إنه عليه الصلاة والسلام كان يضرب بيده في هذا الخمس فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة ، وهو الذي سمّي «لله».
فصل
قل القرطبي «هذه الآية ناسخة لأول السّورة عند الجمهور ، وقد ادّعى ابن عبد البر : الإجماع على أن هذه الآية نزلت بعد قوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال : ١] وأنّ أربعة أخماس الغنيمة مقسومة على الغانمين ، وأن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) نزلت حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر ، على ما تقدم.
وقيل : إنها محكمة غير منسوخة ، وأنّ الغنيمة لرسول الله ، وليست مقسومة بين
__________________
ـ يترك لجميع المسلمين ، ولا يختص أحد بملك شيء منه ، وهذا عند المالكية في غير الدور ، أما هي فالمعتمد أنها لا تقسم.
ويرى الحنفية أن الإمام مخير فيه بين القسمة على الغانمين وبين أن يمنّ به على أهله تمليكا لهم في مقابل ضرب الجزية عليهم والخراج على الأرض ، ويكونون أحرارا ذمة للمسلمين. ويرى الحنابلة في رواية ثالثة أن الإمام مخير بين قسمتها على الغانمين وبين وقفها على جميع المسلمين ، وضرب الخراج عليها قالوا : وهي ظاهر المذهب.
(١) أثر قتادة. أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٥٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٣٦) وعزاه لعبد الرزاق وانظر : معالم التنزيل (٢ / ٢٤٩).
أثر إبراهيم النخعي. أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٥٠) وانظر معالم التنزيل للبغوي (٢ / ٢٤٩).
أثر الشعبي. ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٣٦) وعزاه إلى عبد الرزاق في «المصنف» وابن أبي شيبة وابن المنذر.
أثر عطاء. ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٣٦) وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٤٩) عن أبي العالية.