الغانمين وكذلك لمن بعده من الأئمة ، حكاه الماورديّ عن كثير من أصحاب مالك ، واحتجوا بفتح مكّة وقصّة حنين ، وكان أبو عبيد يقول : افتتح رسول الله مكّة عنوة ومنّ على أهلها ، فردها عليهم ، ولم يقسمها ، ولم يجعلها فيئا».
فصل
أجمع العلماء على أن قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) ليس على عمومه ، وأنّه مخصوص باتفاقهم على أنّ سلب المقتول لقاتله إذا نادى به الإمام ، وكذلك الأسارى الإمام فيهم مخيّر ، وكذلك الأراضي المغنومة.
فصل
قال الإمام أحمد : لا يكون السّلب (١)(٢) للقاتل إلّا في المبارزة خاصّة ، ولا يخمس وهو قول الشافعيّ ـ رضي الله عنه ـ ، ولا يعطى القاتل السّلب ، إلّا أن يقيم البيّنة على قتله.
قال أكثر العلماء : يجوز شاهد واحد ؛ لحديث أبي قتادة ، وقيل : شاهدان.
وقيل : شاهد ويمين ، وقيل : يقضى بمجرد دعواه.
قوله : (وَلِذِي الْقُرْبى) أي : أنّ سهما من خمس الخمس لذوي القربى ، وهم أقارب النبي صلىاللهعليهوسلم ، واختلفوا فيهم.
فقال قوم : هم جميع قريش ، وقال قوم : هم الذين لا تحل لهم الصّدقة.
وقال مجاهد وعلي بن الحسين : هم بنو هاشم وبنو المطلب ، وليس لبني عبد شمس ، ولا لبني نوفل منه شيء ، وإن كانوا إخوة ، لما روي عن جبير بن مطعم قال : قسّم رسول الله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب ولم يعط أحدا من بني عبد شمس ، ولا لبني نوفل ؛ ولما روى محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : لمّا قسم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا ، وعثمان بن عفان ، فقلنا يا رسول الله : هؤلاء إخواننا من بني المطّلب أعطيتهم وتركتنا أو منعتنا ، وإنّما قرابتنا وقرابتهم واحدة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد هكذا» وشبّك بين أصابعه (٣).
__________________
(١) السّلب هو ثياب القتيل وآلات حربه كالسيف ، والرمح ، والدرع والدّابة التي يركبها والتي تكون بجانبه ، وما معه من حلي ومال على خلاف لبعض الفقهاء في بعض ما ذكر.
(٢) اختلف الفقهاء في أنّ السلب حق للقاتل أو حقّ للإمام إن شاء وعد بالتنفيل به وإن شاء وضعه في الغنيمة على مذاهب متعددة.
(٣) أخرجه البخاري (٦ / ٢٨١) كتاب الخمس : باب الدليل على أن الخمس للإمام ..... حديث (٣١٤٠) وأحمد (٨١١٤ ، ٨٣ ، ٨٥) والشافعي (١١٦٠) وأبو داود (٢٩٧٨ ـ ٢٩٨٠) والنسائي (٢ / ١٧٨) وابن ماجه (٢٨٨١) وأبو عبيد في «الأموال» (٨٤٢) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢ / ١٦٦) والبيهقي (٦ / ٣٤١) والطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٥٢) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم.