فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو ، ولا منافاة بين النّوع والجنس ، ففي سورة البقرة ذكر الجنس ، وفي سورة الأعراف ذكر النّوع.
الثاني : وقال في البقرة : «رغدا» وهو ههنا محذوف لدلالة الكلام عليه.
قوله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ)(٢٠)
قوله : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا) ، أي : فعل الوسوسة لأجلهما.
والفرق بين وسوس له ووسوس إليه أنّ وسوس له بمعنى لأجله كما تقدّم ، ووسوس إليه ألقى إليه الوسوسة.
والوسوسة : الكلام الخفيّ المكرر ، ومثله الوسواس وهو صوت الحليّ ، والوسوسة أيضا الخطرة الرّديئة ، ووسوس لا يتعدّى إلى مفعول ، بل هو لازم كقولنا : ولولت المرأة ، ووعوع الذّئب ويقال : رجل موسوس بكسر الواو ، ولا يقال بفتحها ، قاله ابن الأعرابيّ.
وقال غيره : يقال : موسوس له ، وموسوس إليه.
وقال اللّيث : «الوسوسة حديث النّفس ، والصّوت الخفيّ من ريح تهزّ قصبا ونحوه كالهمس». قال تعالى (وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) [ق : ١٦].
وقال رؤبة بن العجّاج يصف صيّادا : [الرجز]
٢٤٢٩ ـ وسوس يدعو مخلصا ربّ الفلق |
|
لمّا دنا الصّيد دنا من الوهق (١) |
أي : لما أراد الصّيد وسوس في نفسه : أيخطىء أم يصيب؟ وقال الأزهريّ (٢) : «وسوس ووزوز بمعنى واحد».
فإن قيل : كيف وسوس إليه ، وآدم كان في الجنّة وإبليس أخرج منها» (٣)؟
فالجواب : قال الحسن : كان يوسوس من الأرض إلى السّماء وإلى الجنّة بالقوّة الفوقيّة التي جعلها له.
__________________
ـ بعت الشاء شاة ودرهم ، والمعنى : شاة بدرهم إلا أنك لما عطفته على المرفوع ارتفع بالعطف عليه.
ينظر : مصابيح المغاني في حروف المعاني ص ٥١٩ ـ ٥٢٣ ، الارتشاف ٢ / ٦٣٣ ، الجنى الداني ص ١٨٩ ، المغني ٣٩٢ ، أصول السرخسي ١ / ٢٠٣ ، الإبهاج في شرح المنهاج ١ / ٣٣٨ ـ ٣٤٤ ، التسهيل ١٧٤ ، مجالس ثعلب ٣٨٦ ، معاني القرآن للفراء ١ / ٢٩٦.
(١) البيت ينظر : ديوانه ١٠٨ ، البحر ٤ / ٢٦٦ ، شرح المفضليات ٣ / ١٤٢١ ، الدر المصون ٣ / ٢٤٧.
(٢) ينظر : تهذيب اللغة ١٣ / ١٣٦. مادة «وسوس» ، وليس في التهذيب مادة «وزوز» ولا يذكر أن وزوز لغة في وسوس.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٣٨.