وولى ، فالثّانية ساكنة ؛ لكنها قد تتحرّك في الجمع في قولك : أول ؛ كفضلى وفضل ، فإن لم تتحرّك ولم تحمل على متحرّك ، جاز الإبدال كهذه الآية الكريمة. ومثله ووطىء وأوطىء.
وقرأ يحيى بن (١) وثاب «وري» بواو واحدة مضمومة وراء مكسورة ، وكأنّه من الثّلاثيّ المتعدّي ، وتحتاج إلى نقل أنّ وريت كذا بمعنى واريته.
والمواراة : السّتر ، ومنه قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لمّا بلغه موت أبي طالب لعليّ : «اذهب فواره». ومنه قول الآخر : [مخلع البسيط]
٢٤٣٠ ـ على صدى أسود المواري |
|
في التّرب أمسى وفي الصّفيح (٢) |
وقد تقدّم تحقيق هذه المادّة (٣).
والجمهور على قراءة «سوءاتهما» بالجمع من غير نقل ، ولا إدغام.
وقرأ مجاهد والحسن (٤) «سوّتهما» بالإفراد وإبدال الهمزة [واوا] وإدغام الواو فيها.
وقرأ الحسن أيضا ، وأبو (٥) جعفر ، وشيبة بن نصاح «سوّاتهما» بالجمع وتشديد الواو بالعمل المتقدم.
وقرأ (٦) أيضا «سواتهما» بالجمع أيضا ، إلا أنّه نقل حركة الهمزة إلى الواو من غير عمل آخر ، وكلّ ذلك ظاهر. فمن قرأ بالجمع فيحتمل وجهين :
أظهرهما : أنّه من باب وضع الجمع موضع التّثنية كراهية اجتماع تثنيتين ، والجمع أخو التّثنية فلذلك ناب منابها كقوله : (صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] وقد تقدّم تحقيق هذه القاعدة.
ويحتمل أن يكون الجمع هنا على حقيقته ؛ لأنّ لكل واحد منهما قبلا ، ودبرا ، والسوءات كناية عن ذلك فهي أربع ؛ فلذلك جيء بالجمع ، ويؤيّد الأوّل قراءة الإفراد فإنّه لا تكون [كذلك] إلّا والموضع موضع تثنية نحو : «مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما».
فصل في أن كشف العورة من المحرمات
دلّت هذه الآية على أنّ كشف العورة من المنكرات ، وأنّه لم يزل مستهجنا في الطّباع مستقبحا في العقول.
قوله : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ).
__________________
(١) ينظر السابق ، والمحرر الوجيز ٢ / ٣٨٤.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم في سورة المائدة آية (٣١).
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٨٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٧٩ ، والدر المصون ٣ / ٢٤٧.
(٥) ينظر : القراءة السابقة.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٧٩ ، والدر المصون ٣ / ٢٤٧.