٢٧٣٠ ـ .......... |
|
وأمرّ دون عبيدة الوذم (١) |
يعني : أنّ الظّرفية هنا مجازية ، لأنّ «دون» لا بد أن تكون ظرفا حقيقة ، أو مجازا.
قوله (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) في هذه الآية قولان :
أحدهما : أنّ «علم» هنا متعدّية لواحد ؛ لأنها بمعنى «عرف» ، ولذلك تعدّت لواحد.
والثاني : أنّها على بابها ، فتتعدى لاثنين ، والثاني محذوف ، أي : لا تعلمونهم فازعين ، أو محاربين.
ولا بدّ هنا من التّنبيه على شيء ، وهو أنّ هذين القولين لا يجوز أن يكونا في قوله : (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) بل يجب أن يقال : إنّها المتعدية إلى اثنين ، وأنّ ثانيهما محذوف ، لما تقدّم من الفرق بين العلم والمعرفة. منها : أنّ المعرفة تستدعي سبق جهل ، ومنها : أن متعلقها الذوات دون النسب ، وقد نصّ العلماء على أنّه لا يجوز أن يطلق ذلك ـ أعني الوصف بالمعرفة ـ على الله تعالى.
فصل
قوله تعالى : (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ).
قال الحسن وابن زيد : «هم المنافقون». «لا تعلمونهم» ؛ لأنهم معكم يقولون : لا إله إلا الله (٢) وقال مجاهد ومقاتل : «هم بنو قريظة» (٣) وقال السديّ : «هم أهل فارس» (٤).
وروى ابن جريج عن سلمان بن موسى قال : هم كفّار الجن (٥) ، لما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ : «وآخرين من دونهم لا تعلمونهم» فقال : إنّهم الجنّ ، ثم قال : «إنّ الشّيطان لا يخبّل أحدا في دار فيها فرس حبيس» وعن الحسن : أنه قال : «صهيل الفرس يرهب الجن» (٦).
وقيل : المراد العدو من المسلمين ، فكما أنّ المسلم يعاديه الكافر ، فقد يعاديه المسلم أيضا.
ثم قال تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ) فهذا عام في الجهاد ، وفي سائر وجوه الخيرات : «يوفّ إليكم».
__________________
(١) عجز بيت لطرفة بن العبد وصدره :
ولقد هممت بذاك إذ حبست |
|
.......... |
ينظر : ديوانه (١٢٥) جمهرة الأمثال ١ / ١٦٥ مجمع الأمثال ٣ / ٢٨٣ والبحر المحيط ٤ / ٥٠٨.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٧٦) عن ابن زيد.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٧٦).
(٤) انظر المصدر السابق.
(٥) ذكره البغوي في «معالم التنزيل» (٢ / ٢٥٩).
(٦) انظر المصدر السابق.