ووافق أبا عمرو قتادة ونصر بن عاصم وابن أبي إسحاق وأبو جعفر. واختلف عن الجحدري والحسن. وقرأ ابن (١) محيصن «من أسرى» منكّرا.
قوله : «يؤتكم» جواب الشّرط. وقرأ الأعمش (٢) «يثبكم» من الثّواب ، وقرأ الحسن (٣) وأبو حيوة وشيبة وحميد «ممّا أخذ» مبنيا للفاعل ، وهو الله تعالى.
فصل
وهذه الآية نزلت في العباس بن عبد المطلب ؛ وكان قد أسر يوم بدر.
وكان أحد العشرة الذين ضمنوا إطعام أهل بدر ، وكان يوم بدر نوبته ، وكان خرج بعشرين أوقية من ذهب ليطعم بها النّاس ، فأراد أن يطعم ذلك اليوم فاقتتلوا وبقيت العشرون أوقية معه ، فأخذت منه في الحرب ، فكلّم النبي صلىاللهعليهوسلم أن يحسب العشرين أوقية من فدائه فأبى وقال : «أما شيء خرجت تستعين به علينا ، فلا أتركه» وكلفه فداء ابني أخويه عقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث ، فقال العبّاس : يا محمّد تركتني أتكفّف قريشا ما بقيت؟.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكّة ، فقلت لها : إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث لي حدث ، فهو لك ولعبد الله ولعبيد الله والفضل وقثم» يعني : بنيه.
فقال العبّاس : وما يدريك؟ قال : «أخبرني به ربّي.
قال العباس : أشهد أنّك صادق وأن لا إله إلّا الله ، وأنّك عبده ورسوله ، والله لم يطلع عليه أحد إلّا الله ، ولقد رفعته إليها في سواد الليل ، ولقد كنت مرتابا في أمرك ، فأمّا إذ أخبرتني بذلك ، فلا ريب.
فذلك قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) الذين أخذتم منهم الفداء (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) أي : إيمانا : (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) من الفداء : «ويغفر لكم» ذنوبكم : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال العباس فأبدلني الله عنها عشرين عبدا كلهم تاجر بمالي ، وإنّ أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية ، وأعطاني زمزم ، وما أحب أنّ لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربي.
فصل
اختلف المفسرون في أنّ الآية نزلت في العبّاس خاصة ، أو في جملة الأسارى.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٥٤ ، البحر المحيط ٤ / ٥١٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٧.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٣٨ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٥٤ ، البحر المحيط ٤ / ٥١٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٧.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٥٤ ، البحر المحيط ٤ / ٥١٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٧.