وقيل : الرّيش : الجمال كما تقدّم أي : ما يتجملون به من الثّياب.
وقوله : (وَلِباسُ التَّقْوى).
قرأ نافع (١) وابن عامر والكسائيّ : «لباس» بالنّصب ، والباقون بالرّفع. فالنّصب نسقا على «لباسا» أي : أنزلنا لباسا مواريا وزينة ، وأنزلنا أيضا لباس التّقوى ، وهذا يقوّي كون «ريشا» صفة ثانية ل «لباسا» الأولى إذ لو أراد أنّه صفة لباس ثان لأبرز موصوفه ، كما أبرز هذا اللّباس المضاف للتّقوى.
وأما الرّفع فمن خمسة أوجه :
أحدها : أن يكون «لباس» مبتدأ ، و «ذلك» مبتدأ ثان و «خير» خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأوّل ، والرّابط هنا اسم الإشارة ، وهو أحد الرّوابط الخمسة المتفق عليها ، ولنا رابط سادس ، فيه خلاف تقدّم التنبيه عليه. وهذا الوجه هو أوجه الأعاريب في هذه الآية الكريمة.
الثاني : أن يكون «لباس» خبر مبتدأ محذوف أي : وهو لباس ، وهذا قول أبي إسحاق (٢) ، وكأنّ المعنى بهذه الجملة التّفسير للباس المتقدم ، وعلى هذا ، فيكون قوله «ذلك» جملة أخرى من مبتدأ وخبر.
وقدّره مكي (٣) بأحسن من تقدير الزّجّاج فقال : «وستر العورة لباس التّقوى».
الثالث : أن يكون «ذلك» فصلا بين المبتدأ وخبره ، وهذا قول الحوفيّ ، ولا نعلم أنّ أحدا من النّحاة أجاز ذلك ، إلّا أنّ الواحديّ قال : [ومن قال] إن ذلك لغو لم يكن على قوله دلالة ؛ لأنّه يجوز أن يكون على أحد ما ذكرنا.
قال شهاب الدّين (٤) : «فقوله «لغو» هو قريب من القول بالفصل ؛ لأنّ الفصل لا محلّ له من الإعراب على قول جمهور النّحويين من البصريين والكوفيين.
الرابع : أن يكون «لباس» مبتدأ و «ذلك» بدل منه ، أو عطف بيان له ، أو نعت ، و «خير» خبره ، وهو معنى قول الزّجّاج وأبي عليّ (٥) ، وأبي بكر بن الأنباريّ ، إلا أنّ الحوفي قال : وأنا أرى ألّا يكون «ذلك» نعتا ل «لباس التّقوى» ؛ لأنّ الأسماء المبهمة أعرف ما فيه الألف واللّام ، وما أضيف إلى الألف واللّام ، وسبيل النّعت أن يكون مساويا للمنعوت ، أو أقلّ منه تعريفا ، فإن كان قد تقدّم قول أحد به فهو سهو.
قال شهاب الدّين (٦) : أمّا القول به فقد قيل كما ذكرته عن الزّجّاج والفارسي وابن
__________________
(١) ينظر : السبعة ٢٨٠ ، والحجة ٤ / ١٢ ، وحجة القراءات ٢٨٠ ، وإعراب القراءات ١ / ١٧٨ ، والعنوان ٩٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٩٣ ، وشرح شعلة ٣٨٧ ، وإتحاف ١ / ٤٦.
(٢) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٢ / ٣٦٣.
(٣) ينظر : المشكل ٢ / ٣٠٩.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٥٣.
(٥) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٣٦٢.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٥٤.