العلماء : إذا كان المسافر غنيّا في بلده ، ووجد من يسلفه فلا يعطى وهو الصحيح. ولا يلزمه أن يدخل تحت منّة أحد إذا وجد منة تعالى.
فصل
إذا جاء وادّعى وصفا من الأوصاف الثمانية ، هل يقبل قوله أو يقال : أثبت ما تقول؟ أمّا الدّين فلا بدّ أن يثبته ، وأمّا البقية فظاهر الحال يكفي.
قوله «فريضة» في نصبها وجهان :
أحدهما : أنّها مصدر على المعنى لأنّ معنى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) في قوة : فرض الله ذلك.
والثاني : أنّها حال من الفقراء ، قاله الكرماني ، وأبو البقاء.
يعنيان من الضمير المستكن في الجار ، لوقوعه خبرا ، أي : إنّما الصدقات كائنة لهم حال كونها فريضة ، أي : مفروضة. ويجوز أن يكون فريضة حينئذ بمعنى مفعولة ، وإنّما دخلت التاء ، لجريانها مجرى الأسماء ، ك «النّطيحة». ويجوز أن يكون مصدرا واقعا موقع الحال ، ونقل عن سيبويه أنّ «فريضة» منصوب بفعلها مقدرا ، أي : فرض الله ذلك فريضة. ونقل عن الفرّاء أنّها منصوبة على القطع. ثم قال : (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمقادير المصالح «حكيم» لا يشرع إلّا ما هو الأصوب والأصلح.
فصل
وهذه الآية المراد بها فريضة الزكاة ، فأمّا صدقة التطوع فيجوز دفعها إلى هؤلاء وإلى غيرهم ، من بني هاشم ومواليهم ، ومن لا يجوز لهم أخذ الزكاة الواجبة ، يجوز له الأخذ إذا كان غارما أو مؤلفا ، أو عاملا.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) الآية.
وهذا نوع آخر من طعن المنافقين ، وهو أنّهم كانوا يقولون في رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنه أذن. نزلت في جماعة من المنافقين ، كانوا يؤذون النبي صلىاللهعليهوسلم ويقولون ما لا ينبغي ، فقال بعضهم لا تفعلوا فإنّا نخاف أن يبلغه ما نقول ، فيقع بنا فقال الجلاس بن سويد : نقول ما شئنا ، ثم نأتيه وننكر ما قلنا ، ونحلف فيصدّقنا بما نقول ، إنّما محمد أذن ، أي سامعة ، يقال : فلان «أذن وأذن» على وزن «فعل» ، إذا كان يسمع كل ما قيل ويقبله.
وأصله من «أذن» له «أذنا» إذا استمع ، وقال محمد بن إسحاق بن يسار : نزلت في رجل من المنافقين يقال له : نبتل بن الحارث (١) ، وكان رجلا أزلم ، ثائر الشعر ، أحمر
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٠٥) وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٠٦).