كفرا فإنّ القول بالكفر كفر بلا خلاف بين الأئمة ، قال تعالى : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [البقرة : ٦٧].
فصل
اختلفوا في الهزل في سائر الأحكام كالبيع والنكاح والطلاق ، قيل : يلزم وقيل : لا يلزم ، وقيل : يفرق بين البيع وغيره. فيلزم في النكاح والطلاق ، ولا يلزم في البيع وحكى ابن المنذر الإجماع في أن جدّ الطلاق وهزله سواء. وروى أبو داود والترمذي والدار قطني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث جدّهنّ جد وهزلهنّ جدّ ، النّكاح والطلاق والرّجعة» (١). قال الترمذيّ «حديث حسن ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم وغيرهم».
قال القرطبي : «وفي الموطأ عن سعيد بن المسيّب قال ثلاث ليس فيهن لعب النكاح والطلاق والعتق» (٢).
قوله : «.. إن نعف» قرأ عاصم (٣) «نعف» بنون العظمة ، «نعذّب» كذلك ، «طائفة» نصبا على المفعول به ، وهي قراءة أبي عبد (٤) الرحمن السّلمي ، وزيد بن علي. وقرأ الباقون «يعف» في الموضعين بالياء من تحت مبنيا للمفعول ، ورفع «طائفة» ، على قيامها مقام الفاعل والقائم مقام الفاعل في الفعل الأوّل الجارّ بعده. وقرأ الجحدريّ (٥) «إن يعف» بالياء من تحت فيهما ، مبنيا للفاعل ، وهو ضمير الله تعالى ، ونصب «طائفة» على المفعول به. وقرأ (٦) مجاهد «تعف» بالتاء من فوق فيهما ، مبنيا للمفعول ، ورفع «طائفة» ، لقيامها مقام الفاعل. وفي القائم مقام الفاعل في الفعل الأوّل وجهان :
أحدهما : أنّه ضمير الذنوب ، أي : إن تعف هذه الذنوب.
والثاني : أنّه الجارّ ، وإنّما أنّث الفعل حملا على المعنى.
قال الزمخشريّ «الوجه التذكير ؛ لأنّ المسند إليه الظرف ، كما تقول : سير بالدّابة ، ولا تقول : سيرت بالدّابة ، ولكنه ذهب إلى المعنى ، كأنه قيل : إن ترحم طائفة فأنّث لذلك ، وهو غريب».
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : السبعة ص (٣١٦) ، الحجة ٤ / ٢٠٥ ، حجة القراءات ص (٣٢٠) ، إعراب القراءات ١ / ٢٥١ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٩٥.
(٤) ينظر : السابق.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٨٧ ، المحرر الوجيز ٣ / ٥٥ ، البحر المحيط ٥ / ٦٨ ، الدر المصون ٣ / ٤٨١.
(٦) ينظر : السابق.