سقطت «الحياة» ، تنبيها على خسّيّة الدّنيا وأنّها لا تستحق أن تسمّى حياة ، لا سيما وقد ذكرت بعد ذكر موت المنافقين ؛ فناسب ألّا تسمّى حياة».
قوله تعالى : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ (٨٦) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٨٧) لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨٨) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩) وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٩٠)
قوله تعالى : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) الآية.
«إذا» لا تقتضي تكرارا بوضعها ، وإن كان بعض النّاس فهم ذلك منها هنا ، وقد تقدّم ذلك أوّل البقرة ؛ وأنشد عليه : [البسيط]
٢٨٢٤ ـ إذا وجدت أوار الحبّ في كبدي |
|
......... (١) |
وأنّ هذا إنّما يفهم من القرائن ، لا من وضع «إذا».
قوله : (أَنْ آمِنُوا) فيه وجهان :
أحدهما : أنّها تفسيرية ؛ لأنّه قد تقدّمها ما هو بمعنى القول لا حروفه.
والثاني : أنّها مصدرية ، على حذف حرف الجرّ ، أي : بأن آمنوا.
وفي قوله : «استأذنك» التفات من غيبة إلى خطاب ، وذلك أنّه قد تقدّم لفظ «رسوله» ، فلو جاء على الأصل لقيل : استأذنه.
فصل
اعلم أنّه تعالى بيّن في الآيات المتقدمة احتيال المنافقين في التّخلف عن رسول الله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ ، والقعود عن الغزو ، وزاد ههنا ، أنّه متى نزلت آية فيها الأمر بالغزو مع الرسول ، استأذن أو لو الثروة والقدرة منهم في التخلّف عن الغزو ، وقالوا للرّسول عليه الصلاة والسّلام : ذرنا نكن مع القاعدين ، أي : مع الضّعفاء من النّاس والسّاكنين في البلد.
و «السّورة» يجوز أن يراد تمامها وأن يراد بعضها ، كما يقع القرآن والكتاب على كلّه وبعضه وقيل : المراد ب «السّورة» براءة ؛ لأنّ فيها الأمر بالإيمان والجهاد.
قوله (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ).
__________________
(١) تقدم.