أن يكون الجمع أخصّ من الواحد ، فإنّ العرب هذا الجيل الخاص ، سواء سكن البوادي ، أم سكن القرى.
وأمّا الأعراب ، فلا يطلق إلّا على من كان يسكن البوادي فقط ، وقد تقدّم عند قوله تعالى: (رَبِّ الْعالَمِينَ) [الفاتحة : ٢] ، أوّل الفاتحة. ولهذا الفرق نسب إلى «الأعراب» على لفظه فقيل : أعرابي ويجمع على «أعاريب». قال أهل اللغة : «يقال : رجل عربيّ ، إذا كان نسبه في العرب ، وجمعه العرب ، كما يقال : يهوديّ ومجوسيّ ، ثم تحذف ياء النسب في الجمع ، فيقال : اليهود والمجوس ، ورجل أعرابي بالألف إذا كان بدويا ، ويطلب مساقط الغيث والكلأ ، سواء كان من العرب ، أو من مواليهم. ويجمع الأعرابي على الأعراب ، والأعاريب ، والأعرابي إذا قيل له : يا عربي ، فرح والعربي إذا قيل له : يا أعرابيّ ، غضب ، فمن استوطن القرى العربية فهم عرب ، ومن نزل البادية فهم أعراب ويدلّ على الفرق قوله عليه الصلاة والسّلام «حبّ العرب من الإيمان» (١) وأما الأعراب فقد ذمّهم الله تعالى في هذه الآية. وأيضا لا يجوز أن يقال للمهاجرين والأنصار أعراب ، إنّما هم عرب ، وهم متقدّمون في مراتب الدّين على الأعراب ، قال عليه الصلاة والسّلام «لا تؤمّنّ امرأة رجلا ولا فاسق مؤمنا ولا أعرابيّ مهاجرا» (٢).
فصل
قال بعض العلماء : الجمع المحلى بالألف واللّام الأصل فيه أن ينصرف إلى المعهود السابق فإن لم يوجد المعهود السابق ، حمل على الاستغراق للضرورة ، قالوا : لأنّ صيغة الجمع تكفي في حصول معناها الثلاثة فما فوقها ، والألف واللام للتعريف ، فإن حصل جمع هو معهود سابق ؛ وجب الانصراف إليه ، وإن لم يوجد حمل على الاستغراق ، دفعا للإجمال. قالوا : إذا ثبت هذا فقوله «الأعراب» المراد منه جمع معيّنون من منافقي الأعراب ، كانوا يو الون منافقي المدينة ، فانصرف هذا اللّفظ إليهم.
فصل
سمي العرب عربا ، لأنّ أباهم : يعرب بن قطعان ، فهو أوّل من نطق بالعربيّة ، وقيل : سمّوا عربا ؛ لأنّ ولد إسماعيل نشئوا ب «عربة» وهي تهامة ، فنسبوا إلى بلدهم ،
__________________
(١) أخرجه الحاكم (٤ / ٨٧) وأبو نعيم (٢ / ٣٣٣) والطبراني في الأوسط كما في «المجمع» (١٠ / ٥٦) من طريق الهيثم عن أنس به وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ورده الذهبي بقوله : قلت : الهيثم متروك وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠ / ٥٦) وقال : رواه الطبراني في الأوسط وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١ / ٣٤٣) كتاب إقامة الصلاة : باب في فرض الجمعة حديث (١٠٨١) والبيهقي (٣ / ٩٠ ، ١٧١) قال البوصيري : إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان وعبد الله بن محمد العدوى.