٢٨٤٩ ـ متى يبلغ البنيان يوما تمامه |
|
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟ (١) |
فصل
في كونه سببا للريبة وجوه : الأول : أنّ المنافقين فرحوا ببناء مسجد الضّرار ، فلمّا أمر الرسول بتخريبة ثقل ذلك عليهم وازداد بغضهم له وازداد ارتيابهم في نبوته.
وثانيها : أنّ الرسول ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لما أمر بتخريبه ، ظنّوا أنّه إنّما أمر بتخريبه حسدا ، فارتفع أمانهم عنه ، وعظم خوفهم منه ، وصاروا مرتابين في أنّه هل يتركهم على ما هم فيه أو يأمر بقتلهم ونهب أموالهم؟.
وثالثها : أنّهم اعتقدوا كونهم محسنين في بناء ذلك المسجد ، كما حبب العجل إلى قوم موسى ، فلمّا أمر الرّسول ـ عليه الصلاة والسّلام ـ بتخريبه بقوا شاكين مرتابين في أنه لأي سبب أمر بتخريبه؟ قاله ابن عباس. وقال الكلبيّ : «ريبة» أي : حسرة وندامة ، لأنهم ندموا على بنائه (٢). وقال السّدي : لا يزال هدم بنيانهم ريبة ، أي : حزازة وغيظا في قلوبهم (٣).
قوله : (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ) المستثنى منه محذوف ، والتقدير : لا يزال بنيانهم ريبة في كلّ وقت إلّا وقت تقطيع قلوبهم أو في كل حال إلّا حال تقطيعها.
وقرأ ابن (٤) عامر ، وحمزة ، وحفص «تقطّع» بفتح التّاء ، والأصل تتقطع بتاءين ، فحذفت إحداهما.
وعن ابن (٥) كثير «تقطع» بفتح الياء وتسكين القاف «قلوبهم» بالنصب ، أي : تفعل أنت بقلوبهم هذا الفعل. وقرأ الباقون «تقطّع» بضمّها ، وهو مبني للمفعول ، مضارع «قطّع» بالتشديد. وقرأ (٦) أبيّ «تقطع» مخففا من «قطع». وقر الحسن (٧) ، ومجاهد وقتادة ، ويعقوب «إلى أن» ب «إلى» الجارة. وأبو حيوة كذلك ، وهي قراءة واضحة في المعنى ، إلّا أنّا أبا حيوة قرأ (٨) «تقطّع» بضم التاء وفتح القاف وكسر الطاء مشددة والفاعل ضمير الرسول ، «قلوبهم» نصبا على المفعول به ، والمعنى بذلك أنه يقتلهم ويتمكّن منهم
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٥٠٦ ، روح المعاني ١١ / ٢٤.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٢٩).
(٣) انظر : المصدر السابق.
(٤) ينظر : السبعة ص (٣١٩) ، الحجة ٤ / ٢٣٠ ، حجة القراءات ص (٣٢٤) ، إعراب القراءات ١ / ٢٥٥ ، إتحاف ٢ / ٩٩.
(٥) ينظر : السابق.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ٣١٣ ، المحرر الوجيز ٣ / ٨٦ ، البحر المحيط ٥ / ١٠٥ ، الدر المصون ٣ / ٥٠٦.
(٧) ينظر : السابق.
(٨) ينظر : السابق.