نصبت حالا ، و (عِنْدَ) يجوز أن تكون متعلقة ب (يَكُونُ) أو بمحذوف على أنها صفة ل (عَهْدٌ) أو متعلقة بنفس (عَهْدٌ) لأنه مصدر.
والثاني : أن يكون الخبر (لِلْمُشْرِكِينَ) ، و (عِنْدَ) على هذا فيها الأوجه المتقدمة ، ويزيد وجها رابعا وهو أنه يجوز أن يكون ظرفا للاستقرار الذي تعلق به (لِلْمُشْرِكِينَ).
والثالث : أن يكون الخبر (عِنْدَ اللهِ) ، و (لِلْمُشْرِكِينَ) على هذا إما تبيين ، وإما متعلق ب (يَكُونُ) عند من يجيز ذلك ـ كما تقدم ـ وإما حال من (عَهْدٌ). وإما متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر ، ولا يبالى بتقديم معمول الخبر على الاسم لكونه حرف جر ، و (كَيْفَ) على هذين الوجهين مشبهة بالظرف ، أو بالحال ، كما تقدم تحقيقه في : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ) [البقرة : ٢٨].
ولم يذكروا هنا وجها رابعا ـ وكان ينبغي أن يكون هو الأظهر ـ وهو أن يكون الكون تاما ، بمعنى : كيف يوجد عهد للمشركين عند الله؟ والاستفهام هنا بمعنى النفي ، ولذلك وقع بعده الاستثناء ب «إلا» ومن مجيئه بمعنى النفي أيضا قوله :
٢٧٥٠ ـ فهذي سيوف يا صدي بن مالك |
|
كثير ، ولكن كيف بالسيف ضارب (١) |
أي : ليس ضارب بالسيف ، وفي الآية محذوف تقديره : كيف يكون للمشركين عهد مع إضمار الغدر فيما وقع من العهد.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) في الاستثناء وجهان :
أحدهما : أنه منقطع ، أي : لكن الذين عاهدتم ، فإن حكمهم كيت وكيت.
والثاني : أنه متصل ، وفيه حينئذ احتمالان :
أحدهما : أنه منصوب على أصل الاستثناء من المشركين.
والثاني : أنه مجرور على البدل منهم ؛ لأن معنى الاستفهام المتقدم نفي ، أي : ليس يكون للمشركين عهد إلا للذين لم ينكثوا ، وقياس قول أبي البقاء فيما تقدم أن يكون مرفوعا بالابتداء ، والجملة من قوله (فَمَا اسْتَقامُوا) خبره.
فصل
معنى الآية : أي : لا يكون لهم عهد عند الله ، ولا عند رسوله وهم يغدرون ، وينقضون العهد ، ثم استثنى فقال : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
قال ابن عباس : «هم قريش» (٢).
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه الطبري ف ي «تفسيره» (٦ / ٣٢٣) وذكره السيوطي ف ي «الدر المنثور» (٣ / ٣٨٦) وعزاه إلى ابن المنذر وأبي الشيخ وذكره السيوطي (٣ / ٣٨٦) عن ابن زيد وعزاه لا بن أبي حاتم.