قلبوا الواو ألفا فقالوا : آه من كذا ، وربّما شدّدوا الواو وكسروها وسكّنوا الهاء فقالوا «أوّه» وربما حذفوا مع التّشديد الهاء فقالوا : «أوّ» وبعضهم فتح الواو مع التشديد فيقول «أوّه».
وقال الجوهريّ : بعضهم يقول «آوّه» بالمد والتشديد وفتح الواو ساكنة الهاء ؛ لتطويل الصوت بالشّكاية ، وربّما أدخلوا فيه التّاء فقالوا «أوّتاه» بمدّ وبغير مدّ.
فصل
قال عليه الصلاة والسّلام : «الأوّاه : الخاشع المتضرّع» (١) وعن عمر : أنّه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الأوّاه ، فقال : «الدّعّاء» (٢). ويروى أن زينب تكلّمت عند رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بما غيّر لونه ؛ فأنكر عمر ، فقال عليه الصلاة والسّلام : «دعها فإنّها أوّاهة» فقيل يا رسول الله ، وما الأواهة؟ قال : «الدّاعية الخاشعة المتضرّعة» (٣).
وقيل : معنى كون إبراهيم أوّاها ، كلّما ذكر لنفسه تقصيرا ، أو ذكر له شيء من شدائد الآخرة كان يتأوّه إشفاقا من ذلك واستعظاما له. وعن ابن عبّاس : الأوّاه ، المؤمن التّواب (٤).
وقال عطاء وعكرمة : هو الموقن (٥). وقال مجاهد والنخعيّ : هو الفقيه (٦). وقال الكلبيّ وسعيد بن المسيّب : هو المسبّح الذي يذكر الله في الأرض القفر الموحشة (٧). وقال أبو ذرّ : هو المتأوه ؛ لأنه كان يقول «آه من النّار قبل ألا تنفع آه» (٨). و «الحليم» معلوم.
وإنّما وصفه بهذين الوصفين ههنا ؛ لأنّه تعالى وصفه بشدّة الرقة والشّفقة والخوف ، ومن كان كذلك فإنّه تعظم رقته على أبيه وأولاده ، ثم إنّه مع هذه الصفات تبرّأ من أبيه وغلظ قلبه عليه لمّا ظهر له إصراره على الكفر ، فأنتم بهذا المعنى أولى.
قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً) الآية.
__________________
(١) أخرجه ابن عساكر (٢ / ٧٦) والطبري (٦ / ٤٩٨).
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٣٢).
(٣) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٦ / ١٦٧).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٩٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٠٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري (٦ / ٤٩٦) عن ابن عباس وعطاء وعكرمة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٠٩ ـ ٥١٠) وعزاه إلى ابن جرير وأبي الشيخ عن ابن عباس. وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٩٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥١٠) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٩٧).
(٨) أخرجه الطبري (٦ / ٤٩٨).