أحدهما : أنّه اتباع حقيقي ، ويكون عليه الصلاة والسّلام خرج أولا ، وتبعه أصحابه. وأن يكون مجازا ، أي : اتبعوا أمره ونهيه. وساعة العسرة عبارة عن وقت الخروج إلى الغزو ، وليس المراد حقيقة السّاعة ، بل كقولهم «يوم الكلاب» ، و : [الطويل]
٢٨٥٣ ـ ......... |
|
عشيّة قارعنا جذام وحميرا (١) |
فاستعيرت «السّاعة» لذلك ؛ كما استعير «الغداة» و «العشيّة» في قوله : [الطويل]
٢٨٥٤ ـ غداة طفت علماء بكر بن وائل |
|
......... (٢) |
وقوله : [الطويل]
٢٨٥٥ ـ إذا جاء يوما وارثي يبتغي الغنى |
|
..........(٣) |
فصل
في المراد بساعة العسرة قولان :
الأول : أنها غزوة تبوك ، والمراد منها الزمان الذي صعب الأمر عليهم جدّا في ذلك السّفر. والعسرة : تعذر الأمر وصعوبته. قال جابر «حصلت عسرة الظهر ، وعسرة الماء ، وعسرة الزّاد»(٤).
أمّا عسرة الظهر ؛ فقال الحسن : كان العشرة من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم (٥).
وأمّا عسرة الزّاد ، فربما مصّ التمرة الواحدة جماعة يتناوبونها ، حتّى لا يبقى من
__________________
(١) البيت لزفر بن الحارث وتمامه :
وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة |
|
عشية لاقينا جذام وحميرا |
ينظر : الحماسة ١ / ١٥٥ ، الكشاف ٢ / ٢١٨ ، المغني ٢ / ٦٣٦ العيني ٢ / ٣٨٢ ، التصريح ١ / ٢٤٩ ، شرح الألفية لابن الناظم ١٩٧ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٨٢ ، أوضح المسالك ٢ / ٤٣١ ، الدر المصون ٣ / ٥٠٩.
(٢) صدر البيت وقائله قطرى بن الفجاءة وعجزه :
وعاجت صدور الخيل شطر تميم
ينظر : ديوانه ص (١٧٤) الوساطه (٤٥٠) ابن الشجرى ٩٧ البحر ٥ / ١١٠ معانى الفراء ٢ / ٣٧٧ ، الكشاف ٢ / ٢٤٨ ، شرح شواهد الشافيه ٤٩٨ ، اسرار العريه ص (٤٢٩) ، شرح المفصل ١٠ / ١٥٤ ، ١٥٥ ، الحماسه ١ / ٢٢١ ، الدر المصون ٣ / ٥٠٩.
(٣) صدر البيت لحاتم الطائى وهو فى الديوان (٤٦) وروايته هكذا :
متى يأت يوما وارثي يبتغي الغنى |
|
بجد جمع كف غير ملء وللصفر |
ينظر : الكشاف ٢ / ٢١٨ ، البحر ٥ / ١١١ ، الدر المصون ٣ / ٥٠٩.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٠٢).
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٢٣).