٢٨٧٩ ـ في فتية كسيوف الهند قد علموا |
|
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (١) |
و «أن» واسمها وخبرها في محلّ رفع خبرا للمبتدأ الأول ، وزعم الجرجانيّ : أن «أن» هنا زائدة ، والتقدير : وآخر دعواهم الحمد الله ، وهي دعوى لا دليل عليها ، مخالفة لنص سيبويه والنحويّين ، وزعم المبرّد أيضا : أنّ «أن» المخففة يجوز إعمالها مخففة ، كهي مشدّدة ، وقد تقدّم ذلك.
وتخفيف «أن» ، ورفع «الحمد» هي قراءة العامة ، وقرأ عكرمة (٢) ، وأبو مجلز ، وأبو حيوة ، وقتادة ، ومجاهد ، وابن يعمر ، وبلال بن أبي بردة ، وابن محيصن ويعقوب بتشديدها ، ونصب «الحمد» على أنّه اسمها ؛ وهذه تؤيّد أنّها المخففة في قراءة العامّة ، وتردّ على الجرجاني ، ومعنى الآية : أنّ أهل الجنّة يفتتحون كلامهم بالتّسبيح ، ويختمونه بالتّحميد.
قوله تعالى : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٢)
قوله تعالى : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ ...) الآية.
هذا الامتناع نفي في المعنى ، تقديره : لا يعجّل الله لهم الشّر ، قال الزمخشري : «فإن قلت : كيف اتّصل به قوله : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) ، وما معناها؟ قلت : قوله (وَلَوْ يُعَجِّلُ) متضمّن معنى نفي التّعجيل ، كأنّه قيل : ولا نعجّل لهم بالشّرّ ، ولا نقضي إليهم أجلهم».
قوله «استعجالهم» فيه أوجه :
أحدها : أنّه منصوب على المصدر التّشبيهيّ ، تقديره : استعجالا مثل استعجالهم ، ثمّ حذف الموصوف ، وهو «استعجال» ، وأقام صفته مقامه ، وهي «مثل» ، فبقي : ولو يعجّل الله مثل استعجالهم ، ثم حذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه ، قال مكّي : «وهذا مذهب سيبويه» ، وقد تقدّم مرارا أنّ مذهب سيبويه في هذا ، أنّه منصوب على الحال من ذلك المصدر المقدّر ، وإن كان مشهور أقوال المعربين غيره ، ففي نسبة ما ذكرناه أولا لسيبويه نظر.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : إتحاف ٢ / ١٠٤ ـ ١٠٥ ، الكشاف ٢ / ٧٣٣١ المحرر الوجيز ٣ / ١٠٨ ، البحر المحيط ٥ / ١٣٢ ، الدر المصون ٤ / ١٠.