جميع أحواله ؛ لأنّ هذه الأحوال الثلاثة لا يخلو الإنسان عن واحدة منها.
فصل
قيل : المراد ب «الإنسان» هنا : الكافر.
وقيل : أبو حذيفة بن المغيرة ، تصيبه البأساء والشدة والجهد ، (دَعانا لِجَنْبِهِ) أي : على جنبه مضطجعا (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) وإنّما أراد تسمية حالاته ؛ لأنّ الإنسان لا يعدو هذه الحالات.
وقيل : وإنّما بدأ بالمضطجع ؛ لأنّه بالضّر أشدّ في غالب الأمر ، فهو يدعو أكثر ، والاجتهاد فيه أشدّ ، ثمّ القاعد ثم القائم.
وقيل : المراد بالإنسان : الجنس ، وهذه الأحوال بالنسبة إلى المجموع ، أي : منهم من يدعو مستلقيا ، ومنهم من يدعو قائما ، أو يراد به شخص واحد ، جمع بين هذه الأحوال الثلاثة بحسب الأوقات ، فيدعو في وقت على هذه الحال ، وفي وقت على أخرى ، والصحيح أنّ المراد ب «الإنسان» : الجنس ، وقال آخرون : كل موضع في القرآن ورد فيه ذكر الإنسان فالمراد به : الكافر ، وهذا باطل ؛ لقوله : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) [الانشقاق : ٦ ، ٧] لا شبهة في أنّ المؤمن داخل ، وكذا قوله : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) [الإنسان : ١] ، وقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [المؤمنون : ١٢] ، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) [ق : ١٩] ، والحقّ : أنّ اللفظ المفرد ، المحلّى بالألف واللام ، إن حصل معهود سابق ، صرف إليه ، وإن لم يحصل معهود سابق ، حمل على الاستغراق صونا له عن الإجمال والتّعطيل ، وقال صاحب النّظم : قوله (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) وضعه للمستقبل ، وقوله : (فَلَمَّا كَشَفْنا) للماضي ، فهذا النّظم يدلّ على أنّ معنى الآية يدلّ : على أنّه كان هكذا فيما مضى ، وهكذا يكون في المستقبل ، فدل ما في الآية من الفعل المستقبل على ما فيه من المعنى المستقبل ، وما فيه من الماضي ، على الماضي».
قوله : (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا) قد تقدّم الكلام على مثل هذا ، عند قوله : (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ) [النساء : ٧٣] ، تقديره : كأنّه لم يدعنا ، ثم أسقط الضمير تخفيفا ، كقوله تعالى (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) [يونس : ٤٥] قال الزمخشري : «فحذف ضمير الشّأن ؛ كقوله : [الهزج]
٢٨٨٠ ـ ......... |
|
كأن ثدياه حقّان» (١) |
يعني : على رواية من رواه «ثدياه» بالألف ، ويروى : «كأن ثدييه» بالياء ، على أنها أعملت في الظّاهر ، وهو شاذّ ، وهذا البيت صدره : [الهزج]
__________________
(١) تقدم.