أحدهما : أن يكون من باب الالتفات ، فيكون في المعنى كقراءة الجماعة ، فإنّ الضّمير يراد به من يراد بالضّمير في قوله : «فليفرحوا».
والثاني : أنّه خطاب لقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ) وهذه القراءة تناسب قراءة الخطاب في قوله «فليفرحوا» كما نقلها ابن عطيّة عنه أيضا.
فصل
قال مجاهد وقتادة : فضل الله : الإيمان ، ورحمته : القرآن (١). وقال أبو سعيد الخدريّ ـ رضي الله عنه ـ : فضل الله : القرآن ، ورحمته أن جعلنا من أهله (٢).
وقال ابن عمر : فضل الله : الإسلام ، ورحمته : تزيينه في القلب (٣) ، وقال خالد بن معدان : فضل الله : الإسلام ، ورحمته : السّنن (٤).
وقيل : فضل الله : الإيمان ، ورحمته : الجنّة ، (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) أي : ليفرح المؤمنون أن جعلهم من أهله ، (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي : خير ممّا يجمعه الكفّار من الأموال ؛ لأنّ الآخرة خير وأبقى ، وما كان عند الله ، فهو أولى بالطّلب.
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ)(٦٠)
قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ) الآية.
قال ابن الخطيب : ذكر النّاس في تعلّق هذه الآية بما قبلها وجوها ، ولا أستحسن واحدا منها. والذي يخطر بالبال وجهان :
الأول : أنّ المقصود من هذا الكلام ذكر طريق ثالث في إثبات النبوة ، وذلك أنّه ـ عليه الصلاة والسّلام ـ قال للقوم : «إنّكم تحكمون بحلّ بعض الأشياء ، وحرمة بعضها ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٦٩) عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٥٤) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وذكره أيضا عن مجاهد (٣ / ٥٥٤) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٦٨) عن أبي سعيد الخدري وابن عباس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٥٤) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والبيهقي.
وله شاهد عن أنس ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٥٤) وعزاه إلى أبي الشيخ وابن مردويه.
وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٥٨) عن أبي سعيد الخدري.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٥٨).
(٤) انظر المصدر السابق.