حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ)(٩٢)
قوله تعالى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) الآية.
قد تقدّم الكلام في نظير الآية [الأعراف ١٣٨] ، وقرأ الحسن (١) : «وجوزنا» بتشديد الواو.
قال الزمخشري : وجوّزنا : من أجاز المكان ، وجاوزه ، وجوّزه ، وليس من «جوّز» الذي في بيت الأعشى : [الكامل]
٢٩٣٣ ـ وإذا تجوّزها حبال قبيلة |
|
أخذت من الأخرى إليك حبالها (٢) |
لأنّه لو كان منه لكان حقّه أن يقال : وجوّزنا بني إسرائيل في البحر ؛ كما قال : [الطويل]
٢٩٣٤ ـ ......... |
|
كما جوّز السّكّيّ في الباب فيتق (٣) |
يعنى أنّ فعّل بمعنى فاعل وأفعل ، وليس التضعيف للتّعدية ، إذ لو كان كذلك لتعدّى بنفسه كما في البيت المشار إليه دون الباء.
وقرأ الحسن (٤) : «فاتّبعهم» بالتّشديد ، وقد تقدّم الفرق.
قال القرطبيّ : يقال : تبع ، وأتبع بمعنى واحد إذا لحقه ، واتّبع ـ بالتّشديد ـ إذا صار خلفه ، وقال الأصمعيّ : يقال : أتبعه ـ بقطع الألف ـ إذا لحقه ، وأدركه ، واتّبعه بوصل الألف ـ إذا اتّبع أثره وأدركه ، أو لم يدركه ، وكذلك قال أبو زيد ، وقرأ قتادة (٥) : «فاتبعهم» بوصل الألف وقيل : اتبعه ـ بوصل الألف في الأمر ـ اقتدى به ، وأتبعه بقطع خيرا وشرّا. هذا قول أبي عمرو. وقيل : بمعنى واحد.
قوله : (بَغْياً وَعَدْواً) يجوز أن يكونا مفعولين من أجلهما أي : لأجل البغي والعدو ،
__________________
(١) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢٠ ، الكشاف ٢ / ٣٦٦ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٤٠ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٧ ، الدر المصون ٤ / ٦٦.
(٢) تقدم.
(٣) عجز بيت للأعشى وصدره :
ولا بد من جار يجيز سبيلها
ينظر : ديوانه (١٢٠) والبحر المحيط ٥ / ١٨٧ وروح المعاني ١١ / ١٨١ والكشاف ٢ / ٣٦٧ واللسان (فتق) والدر المصون ٤ / ٦٦.
(٤) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢٠. الكشاف ٢ / ٣٦٧ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٤٠ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٧ ، الدر المصون ٤ / ٦٦.
(٥) ينظر : السابق.