٢٩٤١ ـ أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم |
|
إنّي أخاف عليكم أن أغضبا (١) |
فالمعنى أنّها منعت من الفساد.
ويجوز أن يكون لغير النّقل ، من الإحكام وهو الإتقان كالبناء المحكم المرصف ، والمعنى : أنّها نظمت نظما رصينا متقنا.
ويجوز أن يكون قوله : «أحكمت» أي : لم تنسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشّرائع بها.
قاله ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ (٢).
قوله : (ثُمَّ فُصِّلَتْ) «ثمّ» على بابها من التّراخي ؛ لأنّها أحكمت ثمّ فصّلت بحسب أسباب النّزول.
وقرأ عكرمة والضحاك (٣) والجحدريّ وزيد بن عليّ وابن كثير في رواية «فصلت» بفتحتين خفيفة العين.
قال أبو البقاء : والمعنى : فرقت ، كقوله : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ) [البقرة : ١٤٩] ، أي : فارق وفسّرها غيره ، بمعنى فصلت بين المحقّ والمبطل ، وهو أحسن.
وجعل الزمخشريّ «ثم» للتّرتيب في الإخبار لا لترتيب الوقوع في الزّمان ، فقال : فإن قلت: ما معنى «ثمّ»؟
قلت : ليس معناها التّراخي في الوقت ، ولكن في الحال ، كما تقول : هي محكمة أحسن الإحكام ، مفصّلة أحسن التّفصيل ، وفلان كريم الأصل ، ثمّ كريم الفعل.
وقرىء أيضا (٤) : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) بإسناد الفعلين إلى «تاء» المتكلم ، ونصب «آياته» مفعولا بها ، أي : أحكمت أنا آياته ، ثم فصّلتها ، حكى هذه القراءة الزمخشري.
فصل
قال الحسن : أحكمت بالأمر والنّهي ، ثم فصّلت بالوعد والوعيد (٥) وقال قتادة : أحكمها الله فليس فيها اختلاف ولا تناقض (٦). وقال مجاهد : «فصّلت» أي : فسرت (٧)
__________________
(١) تقدم.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٢).
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٧٧ ، والمحرر الوجيز ٣ / ١٤٩ والبحر ٥ / ٢٠٧ ، والدر المصون ٤ / ٧٥.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٧٧ والبحر المحيط ٥ / ٢٠١ ، والدر المصون ٤ / ٧٥.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٦٢٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٧٨) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٦٢٦).
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٦٢١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٧٨) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.