هكذا ينشدون هذا البيت في هذه المادة ، الزمخشري وغيره.
والظّاهر أن يكون بالثّاء المثلثة ولا سيما لمقابلته بالطّيّب ، ولكن الظّاهر من عباراتهم أنّه بالتاء المثناة لأنّهم يسوقونه في هذه المادة ، ويدل على أنّ معنى البيت إنما هو على الثّاء المثلثة قول الزمخشري : «وقيل : التّاء فيه بدل من الثّاء».
ومن مجيء «الخبت» بمعنى المكان المطمئن قوله : [الوافر]
٢٩٥٧ ـ أفاطم لو شهدت ببطن خبت |
|
وقد قتل الهزبر أخاك بشرا (١) |
وفي تركيب البيت قلق ، وحلّه : لو شهدت أخاك بشرا وقد قتل الهزبر ، ففاعل «قتل» ضمير يعود على «أخاك».
و «أخبت» يتعدّى ب «إلى» كهذه الآية ، وباللّام كقوله تعالى : (فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ) [الحج : ٥٤] ومعنى الآية :
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ خافوا (٢).
وقال قتادة : تابوا (٣) وقال مجاهد : اطمأنّوا (٤).
وقيل : خشعوا إلى ربّهم. (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
قوله تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(٢٤)
لمّا ذكر الفريقين ذكر لهما مثالا مطابقا.
(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) مبتدأ ، و «كالأعمى» خبره ، ثمّ هذه الكاف يحتمل أن تكون هي نفس الخبر ، فتقدّر ب «مثل» ، تقديره : مثل الفريقين مثل الأعمى.
ويجوز أن تكون «مثل» بمعنى «صفة» ، ومعنى الكاف معنى «مثل» ، فيقدّر مضاف محذوف ، أي : كمثل الأعمى.
وقوله : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى) يجوز أن يكون من باب تشبيه شيئين بشيئين ، فقابل العمى بالبصر ، والصّمم بالسّمع ، وهو من الطّباق ، وأن يكون من تشبيه شيء واحد
__________________
(١) البيت لقيس بن عوانة أو لبشر بن عوانة. ينظر : أمالي ابن الشجري ٢ / ١٩٢ وشواهد الكشاف ٢ / ٣٦٠ والدر المصون ٤ / ٨٩.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٨٩) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٩).
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٩).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٩٠) وزاد نسبته إلى أبي الشيخ.