فصل
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ بعث نوح بعد أربعين سنة ، ولبث يدعو قومه تسع مائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطّوفان ستين سنة ؛ فكان عمره ألفا وخمسين سنة (١).
وقال مقاتل : بعث وهو ابن مائة سنة.
وقيل : بعث وهو ابن خمسين سنة.
وقيل : ابن مائتين وخمسين سنة ، ومكث يدعو قومه (٢) تسعمائة سنة ، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة ، فكان عمره ألفا وأربع مائة سنة.
قوله : (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ).
«الملأ» هم الأشراف والرّؤساء. (ما نَراكَ) يجوز أن تكون هذه الرّؤيا قلبية ، وأن تكون بصرية. فعلى الأول تكون الجملة من قولك : «اتّبعك» في محلّ نصب مفعولا ثانيا ، وعلى الثّاني في محل نصب على الحال ، و «قد» مقدرة عند من يشترط ذلك.
و «الأراذل» فيه وجهان :
أحدهما : أنّه جمع الجمع.
والثاني : جمع فقط.
والقائلون بالأول اختلفوا فقيل : جمع ل «أرذل» ، و «أرذل» جمع ل «رذل» نحو : كلب وأكلب وأكالب.
وقيل : بل جمع ل «أرذال» ، و «أرذال» جمع ل «رذل» أيضا.
والقائلون بأنه ليس جمع جمع ، بل جمع فقط قالوا : هو جمع ل «أرذل» ، وإنّما جاز أن
يكون جمعا لأرذل لجريانه مجرى الأسماء من حيث إنه هجر موصوفه كالأبطح والأبرق.
وقال بعضهم : هو جمع «أرذل» الذي للتفضيل ، وجاء جمعا كما جاء (أَكابِرَ مُجْرِمِيها) [الأنعام : ١٢٣] و «أحاسنكم أخلاقا».
ويقال : رجل رذل ورذال ، ك «رخل» و «رخال» وهو المرغوب عنه لرداءته.
قال الواحديّ : هم الدّون من كلّ شيء في منظره وحالاته. والأصل فيه أن يقال هو أرذل من كذا فكثر حتى قالوا : هو الأرذل ، فصارت الألف واللّام عوضا عن الإضافة.
قوله : (بادِيَ الرَّأْيِ) قرأ أبو عمرو (٣) وعيسى الثّقفيّ «بادىء» بالهمز ، والباقون بياء
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٩) عن ابن عباس.
(٢) انظر المصدر السابق.
(٣) ينظر : الحجة ٤ / ٣١٦ وإعراب القراءات السبع ١ / ٢٧٨ وحجة القراءات ص (٣٣٨) والإتحاف ٢ / ١٢٤ والمحرر الوجيز ٣ / ١٦٣ والبحر المحيط ٤ / ٢١٥ والدر المصون ٤ / ٩١.