عن الحقّ من جانب إلى جانب. ومنه «عندي» الذي هو ظرف ؛ لأنه في معنى جانب ، من قولك : عندي كذا ، أي : في جانبي.
ثم قال : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) أي : أردفوا لعنة تلحقهم ، وتصاحبهم في الدنيا وفي الآخرة. واللعنة : هي الإبعاد ، والطّرد عن الرّحمة.
ثم بيّن السّبب في نزول هذه الأحوال فقال : (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ) أي : كفروا بربهم فحذف الباء. وقيل : هو من باب حذف المضاف ، أي كفروا نعمة ربّهم.
ثم قال : (أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) قيل : بعدا من رحمة الله ، وقيل : هلاكا. وللبعد معنيان :
أحدهما : ضدّ القرب ، يقال منه : بعد يبعد بعداو بعدا.
والآخر : بمعنى الهلاك فيقال منه : بعد يبعد بعدا وبعدا.
فإن قيل : اللعن هو البعد ، فلمّا قال : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) فما فائدة قوله : (أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ)؟.
فالجواب : كانوا عاديين.
فالأولى هم قوم هود الذين ذكرهم الله في قوله (أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) [النجم : ٥٠].
والثانية أصحاب إرم ذات العماد.
وقيل : المبالغة في التّنصيص تدلّ على مزيد التأكيد.
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ)(٦٨)
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) القصة.
الكلام على أوّلها كالذي قبلها. والعامّة على منع «ثمود» الصّرف هنا لعلّتين : وهما