(٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)(٧٦)
قوله : (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) القصة.
قال النحويون : دخلت كلمة «قد» هاهنا لأنّ السّامع لقصص الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسّلام ـ يتوقع قصة بعد قصة ، و «قد» للتوقع ، ودخلت اللّام في «لقد» تأكيدا للخبر.
فصل
لفظ «رسلنا» جمع وأقله ثلاثة ، فهذا يدلّ على أنهم كانوا ثلاثة ، والزّائد على هذا العدد لا يثبت إلّا بدليل آخر ، وأجمعوا على أنّ الأصل فيهم كان جبريل ـ عليهالسلام ـ.
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : «كانوا ثلاثة جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل (١) ، وهم المذكورون في الذّاريات (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) [الذاريات : ٢٤] وفي الحجر (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) [الحجر : ٥١].
وقال الضحّاك : «كانوا تسعة» (٢). وقال محمد بن كعب ـ رضي الله عنه ـ «كان جبريل ومعه سبعة» (٣) وقال السّديّ : «أحد عشر ملكا» (٤) وقال مقاتل : «كانوا اثني عشر ملكا على صور الغلمان الوضاء وجوههم» (٥).
«بالبشرى» بالبشارة بإسحاق ويعقوب وقيل : بسلامة لوط ، وإهلاك قومه.
قوله : (قالُوا سَلاماً) : في نصبه وجهان :
أحدهما : أنّه مفعول به ، ثم هو محتمل لأمرين :
أحدهما : أن يراد قالوا هذا اللفظ بعينه ، وجاز ذلك لأنّه يتضمّن معنى الكلام.
الثاني : أنّه أراد قالوا معنى هذا اللفظ ، وقد تقدّم نحو ذلك في قوله تعالى : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البقرة : ٥٨].
وثاني الوجهين : أن يكون منصوبا على المصدر بفعل محذوف ، وذلك الفعل في محلّ نصب بالقول ، تقديره : قالوا : سلّمنا سلاما ، وهو من باب ما ناب فيه المصدر عن العامل فيه ، وهو واجب الإضمار.
قوله : «سلام» في رفعه وجهان :
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٩٢) والرازي (١٨ / ١٩).
(٢) انظر المصدر السابق.
(٣) انظر المصدر السابق.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٩٢).
(٥) انظر المصدر السابق.