ذلك لتخصّصه بالوصف ، ولتنكير «آتيهم» ؛ لأنّ إضافته غير محصنة.
ويجوز أن يكون «آتيهم» خبر «إنّ» ، و «عذاب» فاعل به ، ويدلّ على ذلك قراءة عمرو بن هرم «وإنهم أتاهم» بلفظ الفعل الماضي.
قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٨٣)
قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : انطلقوا من عند إبراهيم إلى «لوط» [و] بين القريتين أربعة فراسخ ، ودخلوا عليه على صورة غلمان مرد حسان الوجوه (١).
قوله : (سِيءَ بِهِمْ) فعل مبنيّ للمفعول ، والقائم مقام الفاعل ضمير «لوط» من قولك: «ساءني كذا» أي : حصل لي سوء ، و «بهم» متعلق به ، أي : بسببهم ، يقال : سؤته فسيء كما يقال : سررته فسرّ ، ومعناه : ساءه مجيئهم وساء يسوء فعل لازم.
قال الزجاج : «أصله «سوىء بهم» إلّا أنّ الواو أسكنت ونقلت كسرتها إلى السين».
و «ذرعا» نصب على التّمييز ، وهو في الأصل مصدر ذرع البعير يذرع بيديه في سيره إذا سار على قدر خطوه ، اشتقاقا من الذّراع ، توسّع فيه فوضع موضع الطّاقة والجهد. فقيل : ضاق ذرعه ، أي طاقته ؛ قال : [البسيط]
٢٩٩٩ ـ ......... |
|
فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك (٢) |
وقد يقع الذّراع موقعه ؛ قال : [الوافر]
٣٠٠٠ ـ إذا التّيّاز ذو العضلات قلنا |
|
إليك إليك ضاق بها ذراعا (٣) |
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٨ / ٢٦).
(٢) تقدم.
(٣) البيت للقطامي : ينظر : الديوان (٤) والتهذيب ١٣ / ٢٣٧ والبحر المحيط ٥ / ٢٣٨ ومعاني الفراء ١ / ٢٥٦ والخصائص ٣ / ١٠٢ وزاد المسير ٤ / ١٣٦ والدر المصون ٤ / ١١٧.